الأستاذ محمدو ولد البار يكتب عن "مسيرة الكراهية" | أغشوركيت

الأستاذ محمدو ولد البار يكتب عن "مسيرة الكراهية"

خميس, 17/01/2019 - 20:33
الأستاذ محمدو بن البار

أغشوركيت ( مقالات ) :  لم تكن كلمة الإصلاح من بين المؤيدين لوجود تلك المسيرة من أجل نشاز عنوانها المفرق للأسرة الواحدة لاعتقادنا الراسخ أن البيظان والحراطين أسرة واحدة .

بل هناك تسمية أخص من ذلك وأقرب لأننا نحن مازلنا قبائل وسنظل بإذن الله كذلك لأن القبيلة والشعب هي من جعل الله بمعنى من خلقه وتسميته ـ ولا يمكن إزالته وذلك يقتضي أن بيظان كل قبيلة وحراطينها رحم وأقارب وأهليه بدون بيظان وحراطين قبائل أخرى وهكذا .

وهذا ما هو واقع معيش كان ومازال وسيظل بإذن الله ، فظاهرة الاشتراك في السراء والضراء والسرور والتعاطف هي السائدة بين هذين اللونين الخاصين من قبيلة واحدة .

إذن لم يكن هناك أي داعية لمسيرة لتنزيل غير الموجود تنزيل الموجود وهو الكراهية بين فخذين من قبيلة واحدة اللهم إلا طرو ما كان وسيظل يقع بين الفخذين والأسرتين من قبيلة واحدة داخل مجتمعهما .

أما التنابز بالألقاب والأصل واللون وغير ذلك كان يقع وسيظل في قبيلة واحدة وأسرة واحدة ومن شكل واحد مهما كان أصل ومهنة آبائهم .

فالكبر أو التكبر هو المعصية الخاصة بالشيطان التي أخرجته من الجنة ولعنته إلى يوم الدين وسيظل يضل بها كل نفس مهما كانت صغيرة عند الناس ستظل كبيرة عند نفسها، ووقوع التفاخر بها داخل الأسرة يؤدي إلى كره وتباغض دائمين بين الأسرة الواحدة .             

ومن هنا أرجو من القارئ الموريتاني أن يسمح لي أن أعيد إليه حدثا شاء الله أن يقع متزامنا مع يوم المسيرة أي قبلها بيومين فقط ولا يجمعها معه إلا الوطن ولكن وقوعه يجعل المسيرة هي عبثا من عبث الحكومة بالشعب أو إكراهاتها الخفية له .

ففي يوم السبت قبل المسيرة مباشرة كانت مجموعة أحراطين أهل أشفاق ابراهيم (من مجموعة أجيجب) في شمامة : قد استدعت أهل اغشوركيت الفخذ من نفس القبيلة للحضور إليها بأبيضهم وأسودهم من اغشوركيت إلى شمامة قرية أفجيجير بالذات للاحتفال بتنصيب رجل من القرية ليكون رئيسها مدة معينة كما هي العادة وذهب إليهم من أغشوركيت ما يقرب من 24 سيارة تحمل الأبيض والأسود في جوفها متضامنين متعانقين لا مكان للاسترقاق ولا للتباغض بينهما حتى انتهى الاحتفال كما تنتهي احتفالات الاستقلال ، وقد ألقت فيه وزيرة التجارة الحالية خدجة بنت أمبارك فال التي أعلنت أنها من القرية المحتفل فيها ألقت فيها كلمتها القيمة الموزونة المتأنية مشيدة بشكل هذه الخطوط الجماعية المتنوعة الواحدة التي لا يلفت نظرها ما جرى ويجري داخل انواكشوط من مسيرة ولا خطاب كراهية ولا عنصرية ولا ولا الخ .

وسكان قرية افجيجير هم أنفسهم الذين حضروا من قبل إلى قرية أغشوركيت لتهنئة الوزير محمد عبد الله بن اوداع عند تعيينه على وزارة المعادن لأنه ابن أسرة شيوخ أكبر فخذ في مجموعة أجيجب (أهل اشفاق ابراهيم) وكانوا يحتفلون بقدومه كل ما مر عليهم أثناء عمله ليخاطبهم مخاطبة الابن لأسره التي يريد أن تنفع منه  بما استطاع ولاشك أن تعيينه يفضلونه على كل تعيين من بيظاني من غير القبيلة كما أن بيظان أهل اغشوركيت يفضلون تعيين الوزيرة الحالية عن تعيين كل بيظانية أخرى من قبائل أخرى.

فهؤلاء البيظان هم الذين جاءوا لوزيرة التجارة الحالية لتهنئتها عند تعيينها لأنها ابنتهم ومن نفس مجموعتهم وهكذا .

وليعلم الجميع أيضا أن مجموعة لحراطين هذه كانت تذهب إلى مجموعة البيظان إذا وقع فيها خلاف لإصلاحها والعكس صحيح ومتنوع .

أما من الناحية المادية فأكثر انتفاع مجموعة البيظان في التاريخ من العكس بالتبرع والتضامن والتعاطف ولأنها كانت أكثر إنتاجا بدون أي شائبة رق بل لحراطين كان فيهم من يملك الأرقاء مثل البيظان هناك ولكن كل ذلك قليل بجانب كثرة لحراطين الذين لم يسبق عليهم من قبل أي رق بعد آدم عليه السلام .

فـقلة الأرقاء الطبيعيين الذين انتهى عنهم الاسترقاق بدون الدولة وقبل أن يتحرك أي داع إليه معروف لدى الجميع، بمعنى أن ذلك الحيز من موريتانيا لا رق فيه ولا غبن ولا مغبون الجميع كان فقراء ساعة فقر الانتاج الخاص به وغنيا ساعة استثمار إنتاجه والغنى والفقر النسبي موجود في الجميع على حد سواء تقريبا لإتباعه لما ينزل من السماء وتـقلصه عندما تمسك فالزراعة والتنمية هما المعيش عن طريقهما ويقع التعاون بين الجميع عند النتيجة   .

أما التعليم فلم يطرأ منه خارج التعليم الديني أي شيء من قبل وهذا يتبع لمناطقه الخاصة به من غير تعميم مطلقا على أي لون عن لون ولا تخلوا منه أي منطقة إما كثيرا أو قليلا .

أما التعليم العصري فكثير من البيظان رفضه حتى الآن رفضا باتا وبعضهم أقبل عليه هو وإخوانهم من لحراطين كل حسب سكناه وملاءمته له وعلى كل حال لم يمنع منه أي أحد ولم يحتكر دونه .

هذه النبذة المختصرة عن إعطاء حقيقة لا أقول ثنائية البيظان والحراطين ولكن أقول عن وحدتهما بهذا الشكل من الحياة الماضية  ـ وأتيقن أن الناس كالناس في جميع موريتانيا .

فالقبائل الأخرى ملونون كذلك ومتضامنون فيما بينهم كلهم ذرية بعضها من بعض ، فهذه الكراهية وخطابها وعنصريتها تدخل تحت سببها يافطة أخرى وعناوين سأمر عليها ليس مر الكرام الذي أرجوه عند الله ولكن مر الحاضر غير الغائب المتحرر أصلا من سوى رق الله عليه .

وقبل ذلك أريد أن أكتب سطورا مقتصرة جدا عن الأصل للتخلص منه إلى الواقع المعيش ،فأقول أن لا رق في الإسلام غير ما أباحه بنصوصه ومن أنكر إباحته أصلا في الإسلام فهو كافر ولكن الأصل الحرية عند الإسلام ، لكن لظروف اجتماعية خاصة أيام ظهوره أباح استرقاق الأسير بكثير من الشروط وانتهى منه مبكرا بكثير من الدواعي ، ويمكن أن يقال أنه في فترة الإباحة وهي تمحض الجهاد الشرعي لم يسترق إلا لونا أبيض البشرة فلم يسترق شرعا رقيقا لونه أسود إلا استرقاقا عارضا .

فالجهاد الشرعي انتهى سببه مبكرا للعيان بشروطه في الجزيرة وأطراف الشام والفرس واليهود وما هنالك والجميع لونه إما أبيض ناصعا أو قريب من الحمرة ، ولذا فإن الجواري التي كثرت في الدولتين العربيتين لم نسمع إلا بلونهن الأبيض الناصع .

أما الجهاد الجنوبي في المكان الذي ولدت فيه الأجسام السود فإن الجهاد فيه أقل ما يقال فيه أنه دخله اقتتال التـنازع قوة الملك في المنطقة تارة بين المسلمين أنفسهم وتارة بينهم والديانات الأخرى وعلى كل أكثره فيه دخن لا يجوز عن طريقه الاسترقاق الشرعي كما هو واضح في الفقه لأن الأصل الحرية .

إذا ما وقع هنا من الاسترقاق يتنازعه الرق قبل الإسلام المبثوث في جميع المعمورة لأنها طبيعة الإنسان ضد الإنسان من عند هابيل وما فعل لأخيه قابيل مع رق دعوى الجهاد المغشوش .

وعليه : فإن هذا المنكب البرزخي كانت تسكنه قبل الإسلام خليط من البشر مختلف الألوان وكل ما اقترب جنوبا إزداد السواد ويمتد من صحراء مصر جنوبا إلى تلك الشعوب وغربا إلى المحيط .

ونحن في موريتانيا السكان الأصليين خلقنا بعضنا أبيض وبعضنا أسمر أعقد لون من الآخر وهنا نتكلم على البيظان ولحراطين فقط موضوع المسيرة والكراهية الخ لنلفت النظر إلى عدم ضروريتها  .

وهذه المجموعات عندما جاء الإسلام (وما بعد المرابطون تقريبا) نتيجة لطرو الإسلام قليل منها أصبح رقيقا باسم الإسلام الجديد حيث لا رق بالإسلام شرعا لعدم دواعيه ولكن بما أن لونه أسود لوجود البشرة السوداء في المنطقة أصبح الرق لا يتهم به إلا الأسود وبعضنا وهو الكثير لونه أسود ولكن لم يسبق عليه رق من أي نوع وبعضنا لونه أبيض ولكن مع تفرقة عاتية بالطبقية سببها البيئة والعادات والتقاليد الخ وعندما وصلت البلاد قبائل متفاوتة الحضور عربية حضرت معها اللغة الحسانية (أي اللغة العربية لغة ديننا الذي تـلقـفناه جميعا أبيضنا وأسودنا وجميع طبقاتنا وأصبحنا قبائل نشترك في استفادتنا منها دينيا جمعاء .

ومن هنا نختصر عندما جاء الاستعمار لم يجد عندنا قوانين تحكمنا اجتماعيا إلا قوانين الإسلام نتعامل فيها فيما بيننا نحاول أن نتماشى مع الإسلام ولكن الإسلام عندنا ما وافق أمزجة كثيرا منا .

فكان الرق من غير أن ينظر إلى أصله غير إسلامي بالسبب المتقدم وكانت السيطرة بالبحث عن كثرة الموالي بالقهر والغصب بل كان التملك الواسع بمجرد البحث عن الغصب بالقوة داخل مع دعوى الإسلام أثناء ذلك ، فهذه هي إذا النتيجة في الأخير .

بقي الكل في مكانه قبائل بيضا وسودا بالميلاد كثيرة وكثير جدا لم يسبق على سواده استرقاق وبعض من السود داخل البياض ورث عادة مغلوطة وهو أن بعضه رقيقا لبعض نظرا إلى أن الإسلام أباح الأصل وقد انتهينا من الكلام على ذلك من قبل، كما أن غير الأرقاء من الطبقات تميزت بنوع من الشكل يميز طبقاتها ولها عاداتها وطقوسها حتى أنها تضيف نفسها لتلك الطبقية باختيار منها لقبيلة من غير أن يأمرها أحد بذلك ولكنها العادات أعتى وأحكم من كل سيف .

وهذا الكيان كله بهذه الصورة تعايش هكذا إلى هذا القرن الماضي وبما أنه بدوي بالطبيعة أكثره الفقر أبيضه وأسوده  سواء أرقاء أصلا بما تقدم أو غير أرقاء ولا سيما إذا جاءت مصائب تعرية الأرض لعدم القطر من السماء والانبات من الأرض فيفقر الجميع أبيض وأسود وهكذا حتى جاء الاستقلال .

وبعد أن حرك الاستقلال الرواكد ومواصلات العالم وتحركت الطبيعة بغير التنمية فقط انتعش بعض القبائل أكثر من غيرها لعوامله الخاصة به وقليل معه آنذاك من الأرقاء لأنهم لم يكونوا عنده أو لم يسكنوا بجواره وبقي كثير من القبائل بأبيضه وأسوده فقراء والفقير لا يزكي على الفقير والجاهل لا يعلم الجاهل وهكذا .

ويجب الاقتصار جدا هنا فعندما جاءنا الاستقلال وتحركت المجتمعات تفرقت أهدافها بعضها اختار طريق ما يسمى تحرر الشعوب (الكادحين) فاعتنقها وبعضها اختار منادي العرب (القوميات) فاعتنقها وبعضها اختار الإسلام على شكل خاص به وبعضها لفت نظره أن بعضا من جنس لونه مازال ينعت بالاسترقاق فاشتغل الجميع بما عليه فكره ، والمتحررون عندنا من زعماء لحراطين ناضلوا من أجل الحرية فقط داخل مجتمعهم لم يخرجهم النضال من قبائلهم ولم ينتجوا كراهية ولا عنصرية حتى جاء التحرر للجميع.

ومن هنا وبالأمس القريب جاءت حركة برام لم تدرك شيئا من نضال التحرر والاسترقاق إلا ما أدعت أنه واقع ومن قال أن جيبك فيه سرقة ونزعت له لباسك لم يغير رأيه لأنه في الأصول أن المعلل بالظن لا يتغير الحكم بتغيره .

فقام هذا الشاب المثـقف الطموح الذي جاء متأخرا جدا ولمصادفته مع الحركة العالمية لحقوق الإنسان والتحرر استطاع هو أن يجسم جرثومة دينامية حشوها دعوى الاسترقاق على أشد نوعه من الظلم وفيها الاستحقار المميت وفيها الحرمان من التكسب والتجهيل المتعمد إلى آخر كل شيء من إهانة الإنسان لأخيه الإنسان وصور هو أن هذه الجرثومة الوبائية موجود في كل لون أسود والذي وضعها فيه هو اللون الأبيض كله .

وهو الزعيم الوحيد من لحراطين الذي أدخل مع حراطين البيظان جميع السود الأفارقة المواطنين وشملهم معهم داخل هذا القفص الشوكي المليء من المصائب.

وكان من القدر أن وقع ثأر من الزنوج الأفارقة على تصرف حكومة البلد فقط نتيجة حوادث أخرى لا دخل لأي بيظاني شعبي  فيه ولكنه هو أدمج الجميع في تلك الكراهية .

وبالصدفة فقد قال لي تواصلي أبيض أنه قال له تواصلي أسود "كوري" يمزح معه كان يقال لنا في الصغر أن كل بيظان يود أن يقتل كوريا والحمد الله الذي ظهر أننا إخوة مسلمين متحابين إلا أن الأخ الأستاذ برام عمم هذه الفكرة بين البياض العام والسواد كله في موريتانيا ليتدراك بذلك عجلة التاريخ لتهييج الكراهية العالمية المحركة لمادة الأوربيين أغبياء العالم نحو العالم الثالث ولكثرة ما تدر به من المنفعة المادية والمعنوية كثرت الأتباع حتى أصبح انواكشوط وحده وكأنه يغلي بالكراهية والحقد بين أناس لا يجمعهم أي نزاع لا في القبيلة ولا في الولاية ولا في أي شيء إلا أنهما بني آدم ومع ذلك تخيلت الحركة أن كل ملك لأي بيظاني في انواكشوط هو امتصاص لدم أسود لم يجمعه معه أي هواء ولو كان ملكه حصله بتقسيط بيع كلوريا في الصيف الساخن ليضيفه إلى عرق جبين مظنونه القرضى .

وبما أن الشيطان ألزم نفسه بإشاعة الفتـنة بالنزغ بين المسلمين فقد روج لهذه الفكرة الكراهية البغيضة التي لا يعتنقها إلا قليل يمكن عدهم في عدة دقائق عندما يتميزون ولا يوجدون إلا في العاصمة نتيجة كثرة البطالة وأصبحت اللصوص تجتمع في انواكشوط للتلصص في الليل فإن كان منها ما ينسب إلى لون برام يقال سبب تلصصه الكراهية وهكذا ،حتى أصبح انواكشوط كأنه مدينة كراهية بين البيظان ولحراطين ولم يدرك الجميع أن التفرقة ينفخ فيها الشيطان مع قلتها ولكن الألفة والتعاون تمنع ذلك.

فنحن نعرف أن البطل محمد بن أمسيك رجل واحد قام بحركته ضد أعدائه "الاستعمار" فانتفضت قواعد في أربعة أو خمسة ولايات كثيرا من الزمن ليلا ونهارا للبحث عنه وهو شخص واحد .

ومقابل حركة برام الانعتاقية كما يسميها وكما يعتقد الآخرون أنها تذكي شدة الكراهية بين البيظان ولحراطين خاصة ، فإني أسجل وأبشر الشعب الموريتاني أنه مقابل تلك الفرقة القليلة عليهم أن ينظر أي أحد منهم إلى جيرانه فسيرون من التحام المسلمين البيظان ولحراطين ما لا نرى مثله إلا  في الالتحام ساعة القتال في الجهاد الشرعي فسوف يرى ( لا أقول العشرات بل يرى الآلاف من المؤمنين بجميع ألوانهم وأوصاف القرآن لهم تارة الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين وتارة التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الخ كل هؤلاء لم يلتـفت إلى حركة برام وكراهيتها ولا مظنة البيظان للكراهية لهم وليس فقط هذا فستجد نساء الحرطانيات محجبات أكثر بكثير من النساء البيظانيات فقد يوجد بعضهن داخل الغرف المفروشة أكثر من غيرهن من زميلاتهن السود  .

وهذه الأوصاف المختلطة لا تـنـتظر إلا عند موتها يقال لها جميعا مختلطة((ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون )) .

كما أن المعروف أن حلقة واحدة من متابعي حلق محمد بن سيد يحي التعليمية أكثر بكثير من ايرا وأتباعها جميعا ، إلا أنه من الغريب في حركة إيرا بل في طبيعة زعميها نفسه أنه مهما سار في فلكه من البيظان واقتنع بهذه الدعوى التي تمنع لحراطين كلهم من حقهم وتحمل ذلك الكل للبيظان لا تـثنيه أي عاطفة أمام أولئك البيظان زملاءه عن هذا التعميم للجميع المنعوت بكل أنواع قصد ايقاع أشد  التحقير والإهانة للحراطين كلهم في نظرهم ، بل يتبعه في نفس الفكرة بعضا من البيظان قليل جدا وقد فطره الله على ذلك التفكير .

وكأننا كنا دولة عندها قوانين تنص على هذه العنصرية مثل جنوب افريقيا ويحكمنا شخص واحد آنذاك وعندنا ميزانية عامة نملكها كلنا وهي محصلة من عرق أولئك يجب ارجاعها وأن هذا الظلم المحدد والمتراكم المقصود تجب إزالته ممن أوقعه بالواقع عليه حالا .

وبما أننا نحن الآن لا حكومة لنا إلا بمعالجة قضايا الاقتصاد والسياسة والدبلوماسية دون الشؤون الاجتماعية والثقافية والأمنية فإن حكومتنا لم تقم بمعالجة هذه القضية أي الكراهية والعنصرية قليلة العدد النادرة الوقوع إلا بالمسيرات واعتراض كثرة الولاء من الجميع مع أن عندها من القوة الناعمة لتنهيها بها بعدالة وإفهام وتكتيك بدون مسيرة ولا إظهار لأي فاحشة .

ومن هنا أصل أخيرا إلى مخاطبة أولئك المثـقفين الكاتبين بيظان وحراطين المدعين لكل صفة تزيد هذه الأوصاف إثارة عادة وهي التحرر أو الانعتاق أو الإسلام أو اليسارية أو المتابعة أو الاطلاع الواسع إلى آخره بل سمها ما شئت لأقول لهم : كيف تربطون في كتاباتكم بتسليم عموميات أنها كانت واقعة من الغبن والتجهيل والحرمان من جميع البيظان على جميع  لحراطين ؟ من أين أخذتم هذا التعميم ؟ وأنتم تعرفون أن اسمنا الأرض السائبة وأن منا الآن فقراء وجهالا تعم الأبيض منا والأسود وأن معاملة بعضنا لبعض لم تكن واحدة ولا يمكن أن تـكون حتى قرأت لكاتب بيظاني يروي ببشاعة معاملة واقعة على آخر حكيت له ولكن من أوقعها ، أسرة واحدة من ضواحي موريتانيا فلا يمكن أن يوجد أعدل من عقاب ربنا للظلمة فهل سيعاقب بعضنا لظلم بعض آخر ؟ فهل ضرب عبد الله بن مسعود لفتاه وأعتقه بسببها أمام النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال له  : لو لم تفعلها لمستك النار فهل ستمس النار بسببه أبوبكر وعمر وبعض السلطات من طبيعة معاملة بعضها لبعض يقتل المتهم والآخر ينعم عليه ؟

فالكاتبون والمدونون أو المتصفون عليهم أن يتحروا الصدق والدق في الكتابة دون التعميم ، فالتعذيب الذي كان بالرق والطبقية قليل ومحدود في جهة عن جهة بل كان معه التعذيب بالتصوف أي التلمذ الصوفي الذي يريد صاحبه من ورائه الجنة والثريا أقرب إليه منها بهذا السبب فالجنة سبب دخولها قوله تعالى للمرسلين والمؤمنين : ((يأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا))  (( يأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون )) .

     

               

الأستاذ محمدو بن البار