مقابلة خاصة مع الأستاذ محمدو ولد البار | أغشوركيت

مقابلة خاصة مع الأستاذ محمدو ولد البار

خميس, 18/08/2016 - 15:31

نص المقابلة

س : شاب أغشوركيت ( مدير الجلسة )

محمد بن البار لقد سمعنا منك واستمعنا لك وأنت تحاضر وتتكلم في المساجد على العقيدة الإسلامية فقط ! قبل أي شيء هل يؤكد ذلك أن التكلم في هذه العقيدة هو واجب الأمة المسلمة في هذا الزمان ؟

ج الأستاذ محمدو : بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

أولا : أشكرك أيها الشاب الأغشوركيتي على ما سمعته عنك وشاهدته منك في بذل جهود مضنية في توضيح هذه العقيدة الإسلامية لأبناء المسلمين ،وأحسبها جهودا موفقة على الصراط المستقيم – ولا أزكي على الله أحدا- كما أرجو من الله أن يجعلها لك ولوالديك الذين ساهما في تربيتك هكذا في سجلكم عند الله الذي سينشر أمام الله وأمام العالم كسجل كل هذه البشرية ونرجو من الله أن تقول لكم الملائكة عندئذ أمام العالم سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار

أما الجواب على سؤالكم فأنتم تعلمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من كل مسلم أن يبلغ عنه ولو آية وأنه قال في الحديث الصحيح لا يتم إيمان مسلم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وبما أني أعتبر كل مسلم على وجه الأرض أخا لي في الله فإن ما أقوم به من الجهد رغم تواضعه –لأني لست من أهل المعرفة وبضاعتي من عمل الطاعة مزجاة-إلا أن كل عمل أو قول في الطريق الصحيح على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم سيكون مطابقا لقوله تعالى : إن لا يضيع أجر من أحسن عملا .

أما السبب المباشر للعمل في قضية المساهمة محاولة نشر العقيدة الإسلامية الصحيحة هو أنني كما تعرفون جميعا قد قضيت شبابي وسط هذه البيئة المعروفة بتقاليدها الدينية وطقوسها الخاصة داخل هذا الدين وحفظت القرآن في هذه البيئة حفظا جيدا ولله الحمد ولكن الله جل جلاله تفضل علي أن خرجت من هذه البيئة إلى خارجها ومعي كلام ربي حافظت على حفظه وهنا أقول [ وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب]

وعندما خرجت من هذه البيئة وقرأت بعض الكتب التي توجه المسلم إلى أخذ دينه من كلام ربه ورجعت إلى قراءة القرآن أتدبره وأقف عند عباراته الواضحة التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم وبلغها كما هي منفذا لقوله تعالى [ وأنزلنا إليك الذكر لتين للناس ما نزل إليهم ] وقوله تعالى [ يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالاته ]

وعلى ضوء آيات القرآن وتوجيهاته وجدت أني كنت في بيئة تحفظ القرآن وتؤمن بالله واليوم الآخر وبمحمد صلى الله عليه وسلم وتؤمن بالقدر خيره وشره إلا أن سلوكا تحت هذه الإيمان الكامل من هذه الجهة لا يلتفت لما جاء في القرآن مفصلا عن مصير هذا الإنسان بعد موته ذلك المصير حدده المولى عز وجل في عمل الإنسان طبقا لما جاء في هذا القرآن وما بلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه في هذا الصدد.

وهذا التفصيل وذلك التوضيح جاء بألفاظ العربية لا تحتاج لتفسير ولا تأويل بل تحتاج فقط لتيقن من هذا الإنسان أن مضمونها واقع لا محالة.

وهذه الأفاظ العربية الموافقة لما شملته اللغة العربية في معانيها فلفظ كل ، ومن ، والإسم الموصول في القرآن مثل "الذي" جمعا أو مفردا مذكرا أو مؤنثا وباختصار جميع الألفاظ الدالة من خطاب الله لكل مسلم بمفرده خطابا لا يميز بين أي إنسان لا بأب ولا أم ولا عشيرة ولا مولى ولا نبي مرسل ولا ملك مقرب يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله هو موجه للإنسانية جمعاء.

وأرجو هنا أن يساعدني القارئ الكريم على أن يتفضل بالوقوف على هذه الألفاظ في القرآن ويتأملها ليقف على هذه الحقيقة النهائية التي ما وراءها أي تدارك لمصير الإنسان في ذلك اليوم الذي لاينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وهذه العبارة التي وردت في القرآن وهي القلب السليم من أخص عبارة يمكن أن يعبر بها عن قلب المسلم الخالص .

ولذا عندما اصطفى الله نبيه ابراهيم ونجاه من عبادة ما سوى الله من الكواكب وغيرها كما كان يعبد آباؤه سأل الله أن لا يخزيه يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

ولا شك أن السلامة هنا هي السلامة من أنواع الشرك سواء الشرك في ذات الله العلية كما فعله اليهود والنصارى أو الشرك في صفة من صفاته كما فعل كثير من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لان السلامة من الأمراض البدنية تنتهي مع الدنيا ولذا أخبر الله عز وجل جاء إلى ربه بعد موته وقد استجاب له دعاءه يقول تعالى : وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم .

س شاب أغشوركيت

أراكم أوضحتم في هذه الجواب المطول أنكم شعرتم بأن هذه البيئة التي كنتم تعيشون فيها لا يتوافق بعض سلوكها وطقوسها الإسلامية مع ما نقرأ ليلا ونهارا من آيات الله البينات فهل لكم أن تحددوا لنا بعض تلك المظاهر؟

ج الأستاذ محمدو / أولا أبدأ لكم بسلوكي أنا المصادم لما أحفظ من القرآن قبل توفيقي الله لي بالنظر في كتاب الله وسنة رسوله وأعود وأكرر قوله تعالى [ وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي أنه سميع قريب] فقد كنت أتيقن أن ما وجدت من المخلوقين بينهم وبين أسرتي علاقة دينية أنهم يعلمون دائما ما في قلبي وهذا أكبر تصادم مع الآيات القرآنية فالله يقول إنه عليم بذات الصدور [ وهو عليم بذات الصدور] يقول إنه يعلم السر وأخفى فما هو الفرق بين الله وبين المخلوقين في ما كنت أعتقد ؟ وهنا أقول وأؤكد أني لم أكن أضعف شخص إيمانا في هذه البيئة إلا أن هذه الإعتقاد المنكر كان هو السائد في التقاليد والبيئة وأهله يستدلون عليه بأحاديث شيطانية يقولون :إذا كنت مع العالم فاحفظ لسانك وإذا كنت مع الولي فاحفظ خواطر قلبك ! فسبحان الله أين ذهب العقل هنا عن قوله تعالى : ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه إبى آخر الآية وأمثالها من الآيات ، كما أني كنت أقف في العراء وأنا أشكو من عطش أو أي حاجة في نفسي وأنادي بأعلى صوتي لذلك المخلوق الذي يمكن أن يكون في نفس الوقت ينادي ربه ليزيل ما به هنا يقول تعالى : ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ، وهنا صرح القرآن أن هذا النداء للمخلوق يعد عبادة له فالله يقول : أحشرو ا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله إلى آخر الآية

وربما يظن إنسان أن الله يستحي أن يعذب من كان يعظم دينيا والله يقول لزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا  .

فأي فاحشة أكبر من أن تجعل لله ندا وهو خلقك فالله يقول : أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء إلى قوله تعالى : أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ  قليلا ما تذكرون.

 ومن أكبر المصادمات لتعليمات القرآن أن الله يقول وما آتاكم الرسول فخذوه والرسول صلى الله عليه وسلم قد أتانا وبين لنا جميع ما يطلبه ربنا من جميع العبادات والمعاملات والتفكير حتى علمنا كل شيء كالمعاملة مع أنفسنا ومع إخواننا وحتى مع الحيوان وطلب منا التوبة إذا خالفنا ذلك وختم جميع هذه الأوامر والنواهي بقوله تعلى : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ومن بين ما علمنا الأذكار التي تقال صباحا ومساء بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم وبعددها وجاء معها بلفظه صلى الله عليه وسلم بالوعد الذي يحصل لقائلها ومن أهمه غفران ما تقدم من الذنب وما تأخر : يقول تعالى : أفمن وعدناه ةعدا حسنا فهو لاقيه  إلى آخره ومع هذا التبيين فقد جاءت فترة ابتعد فيها المسلمون عن العمل بنص ما جاء في الكتاب وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقامت البيئة آن ذاك بإبدال نص تلك الأذكار بأذكار أخرى لم تدر عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس معها وعد من معصوم بل أذكار مصنفة من طرف أشخاص سميت بأسمائهم أنشؤوها عبادة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد نزول : اليوم أكملت لكم دينكم .

ولا شك أن من بين إتمام هذا الدين تفيل أذكار الصباح والمساء والحث على أدائها كما نطق بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والدوام عليها في الصباح والمساء كما أمره الله تبارك وتعالى في قوله : وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار ، وسبح بحمد ربك بكرة وأصيلا. إلى الآيات الكثيرة التي تحث على أداء هذه الأذكار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والخطورة تكمن فعلا في الإنحراف عن أداء أوامر الله طبقا لتبيين رسول الله صلى الله عليه وسلم لتلك الأوامر ولكن الخطورة تكون أكبر إذا كان وراء إعطاء هذه الأذكار أشخاص سيقدسون على ذلك الأساس ذلك الذي يتبناه الشيطان ويفرح به أشد الفرح ويبدأ يسلخه ويتوسع فيه من حيث ..... من لم يعتصم بكتابه ولا سنة رسوله على خطورة الفخ الذي وقع فيه نتيجة تقديس المخلوقين فوق الحدود التي حدها الله بكل وضوح في جميع آياته البينات .

ومن المؤسف والمشاهد كذلك أن أهل هذه الأذكار لم يتفقوا على ألفاظها ولا على تقديس أهلها بل كل حزب بما لديهم فرحون .

وبعضهم يصدر عنه إنتقاد لسند ..... لا يمكن أن ينطق به مسلم قبل حضور هؤلاء المخلوقين لأتباعهم عند الموت والسؤال إلى آخره .

تلك الترهات التي تتصادم تماما مع قوله تعالى فولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون إلى آخر الآيات .

وبعضهم يجعل حدود الله خاصة محفوظة بسياج لا يدخل داخل هذا السياج إلا أصحاب طريقته وسيعاملهم الله معاملة خاصة داخل هذا السياج دون بقية المسلمين فمن قرأ القرآن وسمع المولى عز وجل يقول : من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة . إلى آخره وكذلك من سمع الله تعالى يقول : يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها إلى آخر الآية أو سمع جميع خطابات الله للمسلمين بخطاب يشمل البشرية من يوم جاءتها الرسل تبلغ رسالات ربها إلى آخر شخص من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يتبقى أن هؤلاء يتكلمون خارج هذا القرآن الذي بين أيدينا وخارج الإنسانية كلها وخارج بنوة آدم إلى آخر كل الإعتبارات في هذا الدين الواضح الكامل .

وأعطي هذا الأمثلة الواضحة فقط يقول الله تعالى : ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء إلى آخره.

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم ما منكم إلا وسيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم إلى آخر الحديث الصحيح المعلوم عند الجميع.

فهل الآية وأمثالها والحديث وأمثاله منسوخات؟! .

أيها المؤمنون جميعا انتبهوا لفحوى كلام الله وسنة رسوله فهو كما قال الله : لا يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد فكلامهم يشبه عقيدة أهل الكتاب : وقالت اليهود نحن أبناء الله وأحباؤه ، أما تفرعهم وعقائدهم فيشبه قول ألئك : وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء .

س شاب أغشوركيت

هل من مزيد في تشابه عمل أهل الكتاب وعمل أهل هذه الأذكار في التصادم مع آيات الله البينات ؟

ج الأستاذ محمدو

نعم ولكن أتحول هذه المرة إلى ركن من أركان أكثر فيه من التشابه ألا وهو الإنفاق في سبيل الله فهذه الركيزة الإسلامية لم يتوسع الإسلام في ذكر كثرة  ركيزة الفضل القائم بها مثل توسعه في قضية الإنفاق في سبيل الله حتى أنه أشاد بفرضه وتطوعه في آية واحدة إلا أنه حد تحديدا دقيقا من هو أهل لهذا العطاء وليس منه الأولياء والصالحون ولكنه الفقير والمسكين وذى القربي الرحم...

يقول تعالي "إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتوتها الفقراء فهو خير لكم " ويقول "ويسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين و الأقربين واليتامى والمساكين " إلخ الآية .
فالموريتانيون أصحاب هذه الأفكار يذهبون بأموالهم الطائلة إلى أصحاب الأفكار ويتركون ورائهم مصروفها المعين من الله تعيينا واضحا تعيينا تربت عليه قوله تعالى فيضاعفه له أضعافا كثيرة ومن المؤسف المحزن انهم يطلبون جزاء ذلك من الله والله يراهم يذهبون بها إلى غير جهتها الشرعية وواضح تشاركهم في هذا الصدد مع أهل الكتاب لقوله تعالى : يأيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله إلى آخر الآية ، وهنا يحذر الله المؤمنين أي أمة محمد صلى الله عليه وسلم مما يفعله أهل العبادة من أهل الكتاب بأخذهم أموال الناس ليصدوا بهذا الأخذ عن الجهة التي عينها الله له ويصدون عن سبيل الله بهذا بإيهام المقدم لماله أن هذا العطاء لهؤلاء ينفعهم غدا بين يدي الله وهؤلاء سواء كانوا من أمة محمد أو من أهل الكتاب لا يملكون لأنفسهم موتا ولا حياة ولا نشورا ، كما لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وماله منهم ظهير .

وملخص هذا الجواب أن كل حائد بسلوكه عن الصراط المستقيم الموضح في القرآن والسنة فذلك التحييد سببه ذلك الشيطان الذي أذن له عز وجل في إضلال مل من لم يعتصم بالله قولا وفعلا وفكرا وساروا على طريق كما أمرهم وكما أقسم على ذلك في قوله تعالى : لأحتنكن ذريته إلا قلبلا فأجابه المولى عز ةجل بقوله تعالى : قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا .

س شاب أغشوركيت : أرجو أن تسمحوا لي في هذه المقابلة الأولى من نوعها أن نطرح عليكم سؤالا خاصا أرجو أن لا يحرجكم لأنه يتعلق بأسرتكم على الأخص بأحد أجدادكم المسمى : محمدن بن البار الذي يشاع عنه أنه أول من اشتغل بالبحث عن زمرة هذه الوسائط المعرفة لله عز وجل وعندما حصل عن الإجازة فيها وهو التصدير المعبر عنه بالحصول على اللقب بكلمة "الشيخ" التي تعبر عن ما يترتب على ذلك من الإذن في إعطاء الأذكار مباشرة والإستعداد لما وراء ذلك من العطاءات الأخرى المادية فمع هذا كله لم يباشر هذا العمل بل هرب منه هروب الخائف من الأسد.

ج الأستاذ محمدو : أولا أشكركم على هذا السؤال الذي يشرفني ولا يحرجني لأني أحمد الله وأكرر حمده وشكره نيابة عن ذلك الوالد برورا به وأقول لكم بعد ذلك : أنا لم أجتمع بذلك الوالد إلا ثلاث أو أربع سنوات بعد ميلادي إلا أني لم أسمع أن ما تفضل الله به على هذا الوالد حصل لشخص آخر إلا في حالات نادرة سأذكرها مختصرة ان شاء الله والذي أراني الله في موضوع قضية هذا الوالد هو أنه نشأ شابا تقيا لم يؤثر عنه أنه خضع لركوب شياطين جاهلية الشباب وعندما انتهى شبابه اعتراه ما اعترى ابراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أزكى الصلاة والتسليم وهو طلب معرفة الله عن طريق النظر في ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين إلا أن ابراهيم الخليل نظر فيها وقومه في معمعة عبادات الكواكب ووالدنا نظر إلى ملكوت السماوات والأرض والعالم آن ذاك يبحث عن معرفة الخالق عن طريق المخلوق مباشرة .

فإبراهيم نظر إلى حجم الكواكب وعندما زالت جميعا أمام عينيه علم أن خالق الكون لا يزول فطلب من ربه أن يعرفه به مباشرة فهداه الله إلى ذلك حيث عرف قدره كمخلوق من خالقه فطلب منه أن لا يخزيه عند البعث فقال : ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، فعلى كل مسلم أن يقرأ قصة توحيد إبراهيم وما وقع له من التوحيد الخالص في سورة الأنعام حتى قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين.

ومن هنا أقول أن المولى عز وجل لم يتجلى لابراهيم في أي كوكب من الكواكب لأن الله تبارك وتعالى لم يذكر عن تجليه إلا مرة واحدة في القرآن عندما طلب منه موسى كليم الله أن ينظر إليه فأجابه بأنه لن يراه ولكن ينظر إلى الجبل عندما يتجلى الله له : فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلو تجل الله للكواكب لصارت دكا ولخر إبراهيم صعقا ، لأن الجبل أشد صلابة من الكواكب وموسى هو المنعوت بأنه القوي الأمين ، القوي في جسمه الأمين في قلبه وفكره ،.

وأعود لما وقع لوالدنا رحمه الله وهو عندما نظر إلى ملكوت السماوات والأرض وأراد أن يعرف ربه والعالم آن ذاك في فترة من عدم الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله بل يرجع إلى المخلوقين في طلب هذه المعرفة والله تعالى يقول يبلغ : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم فطاعة الله عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم هي معرفته بالضبط لأنها ينشأ عنها أن الله يحبك فكيف الله من لا يعرفه ونتيجة لهذه الوضعية آن ذاك للعالم ذهب والدنا مباشرة أولا إلى الشيخ عبد الله ابن المصطفى وأخذ منه الأذكار المعروفة وعندما مكث عنده قليلا توفي الشيخ عبد الله فذهب من عنده مباشرة إلى الشيخ محمد محفوظ وهو أصغر منه سنا واشترط عليه شروطا في خدمته طلبا لمعرفة الله فما أبعد النجعة منهما : خدمة الأشخاص تؤدي إلى معرفة الله فأين ضهبت عقول المؤمنين عن فحوى كلام ربهم : وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني إلى آخره وعندما مكث الوالد عند هذا الرجل  سبع سنين تقريبا أمره بالذهاب لأنه حصل على ما يريد وأطلق عليه الرجل ذلك اللقب وهو كلمة الشيخ ، المعروف عند أهل هذه الطرق أنه الوسام الذي يميز به المرء عن مخاطبة محيطه باسمه المعروف ، .

وعندما رجع إلى أهله وعشيرته الخاصة تنادى عليه أفرادها ظنا نتهم أنه أصبح بين أيديهم يطلبون عنده معرفة الله بأخذ أذكارهم منه مباشرة وفي أول لقاء له مع المجتمع نادوه بلفظ الشيخ فلم يتكلم وعندما ألحوا عليه أجابهم : من اسمه الشيخ فليتكلم .

والمعروف أن الشيخ لم يلقب بها في الإسلام إلا تقدم في العمر يبلغه الإنسان يقول تعالى : ثم لتكونوا شيوخا ، ،، وأبونا شيخ كبير ،، إن له أبا شيخا كبيرا ، وهذا بعلي بعلي شيخ كبير ، وعندما تقدم إليه أول شخص يريد أن يتتلمذ عليه بأخذ  الأذكار كما هو المصطلح عندهم وقال له اعطني الورد فرد عليه بكلمته المشهورة المدوية التي أرجو من الله أن تبقى كلمة باقية في عقبه كما جعلها الله لابراهيم عندما قال لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهديني وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون ، فقال الوالد مستفهما إستفهاما إنكاريا ما هو الورد ؟ إذا كنت تريد آتري أفروغ الشغل فهو ابن زوايا جاهلا يتبع شيخا .

والله في نظري لهو توفيق من الله خاصة لما يحبه ويرضاه وبعد هذه الكلمة لم نسمع أبدا من أي أحد أن هذا الوالد التفت في بقي من عمره على ما ظن الناس أنه جاء يحمله أو محملا لقبه ، ولم يذكر أي أحد أنه رجع لزيارة مكان خدمته هذه بل اعتزل يعبد ربه عن طريق ما وهبه الله من صفاء فيالله القلب والإعتماد على مباشرة حتى أتاه اليقين وهذا ظني به ولا أزكي على الله أحدا.

ونحن أبناءه نحمد الله عى أنه لم يترك لنا هذا الإرث الخطير في الدنيا وخطير في الآخرة ، خطير في الدنيا لأن صاحبه سيحافظ عليه ويترك الكسب من عمل يديه ويبدله بالكسب من دينه مع أنهإذا كان هذا الإتباع بإعطاء المال ينفع في قوة ترسيخ الدين في القلب لفعله الأنبياء فإن جميع الأنبياء أول ما يقولون بعد تبليغ رسالتهم : قل لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الله كما قال نوح عليه اللم : إن أجري إلا على الذي فطرني ،وكما قال هود عليه السلام ومحمد عليه الصلاة والسلام : قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد .

وإعطاء الورد أيضا خطير في الآخرة لأنه يوهم أن الطريق إلى الآخرة تمر جهته  والطريق إلى الآخرة تمر عن طريق قوله تعالى فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير .

وخطورتها في الآخرة تمر كذلك بقوله تعالى : ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون.

فرحم الله ذلك الوالد ونرجو أن يكون قد عوضه الله عن خدمته تلك السنين بأن أراه الحق حقا فاتبعه وأراه الباطل باطلا فاجتنبه وأن يكون من ألئك الذين هدى الله وألئك هم ألوا الألباب ، ومن هنا أتبع قضية هذا الوالد بحكايات تشبه قضيته وقعت في قطرنا الموريتاني ، وما أثقلها على النفس والشيطان والهوى ، أولها أن محمد يحي ابن الشيخ الحسين العالم المتبحر في علوم الأصول والفقه عندما كان يدرس لتلامذته في المعهد العالي يقول لهم إن أرجى عمل أحتسبه عند الله في الآخرة هو أن أبي كان شيخا في الصوفية وعندما توفي كان بإمكاني أن أكون مكانه وأعطي أذكارا أضلل بها الناس فتتبعني ولكن الله حفظني من ذلك فذهبت إلى تعليم العلوم الشرعية ، ثانيا عبد الله ابن داداه عندا عاد من عند شيخه الشيخ التراد بعد تصديره له عاد إليه وقال له أنا وجدت أذكارا صادرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصح من الأذكار التي أخذت عنك فأجابه أترك ما أخذت عني وخذ ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ففعل وبعد وفاته أمر أن يخلفه في تعليمه للقرآن التعبدي في نفس الوقت رجل لا يشترك معه في نسب ولا فخذ بل مجرد القبيلة فقط فميراث الأبناء لهذه الوظيفة الدينية أخطر شر يقوم به الآباء لأنه متعلق لما بين الله وخلقه وهو عمل الأنبياء وهو تبليغ رسالة الله إلى عباده وكما شاهدنا نحن الموريتانيون في نواحي العالم في موريتانيا بالذات تصدى هؤلاء الأبناء لذلك الميراث ظنا منهم أنه شرف للأسرة يجب المحافظة عليه وهو خطر على الأسرة يجب الإبتعاد عنه ثالثا الشيخ سيد المختار ابن الشيخ عبد الله وأخرته لما إعجابي لما وفقه الله إليه من اختياره لحرث الآخرة وتركه لحرث الدنيا.

هذا الرجل كما يقال كانت الدنيا وقفت أمامه على أربعة أرجل إلا أنه قال لها بلسان فصيح : إليك عني غري غيري .

وقد لاحظ هذا الرجل الموفق أن الله كتب في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلا من حكيم حميد صفحتين متقابلتين ومتتابعتين ومتوازنتين في القرآن الكريم الأولى منها طلقها ثلاثا لا ينفع في التحليل وخطب الثانية وعاش معها حتى لقي الله ونرجو منه أن يجعله بين المتقين في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

فالصفحة الأولى يقول فيها تعالى : زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ، وأما الصفحة الموالية فهي قوله تعالى : قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين التقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد ، ألى قوله تاعلى : الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار ، رحم الله ذلك الرجل الذي كان يستطيع أن يجلس مكان أبيه على أرائك الصفحة الأولى فتركها وجلس على أرائك الصفحة الأخير الموصوفة من الله وهو الآن بين يدي الله تاركا لوجهه الصفحة الأولى وتمسك بالأخرى ونرجو أن يكون الآن بين أزواجه المطهرة وعنده رضوان من الله ،

س شاب أغشوركيت :سمعتك ذكرت أن والدك أخذ الأذكار المعروفة على الشيخ عبد الله ابن المصطفى فهل لهذه المسميات الخاصة على الأشخاص أصل في القرآن أو في السنة

ج الأستاذ محمدو

ما أستطيع أن أقول لكم هو أن المتدبر للقرآن كما هو مطلوب من كل مسلم كما في قوله تعالى : أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها، هو أن هذا الإنسان كما لا دخل له في وجوده في الدنيا ولا تصوره في الأرحام ولا شيخوخته ولادخل له في معرفة قدر عمره فكذلك لا دخل له ولا لأي أحد من خل الله فيه من ساعة موته أو بعثه أو نشر صحائفه المكتوبة عند الله وحده إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا ، طبقا لما في القرآن : والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فألئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فألائك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ، ويقول تعالى : ونضع الوازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين .

هذا المصير ذكر المولى عز وجل أن طريقه الموصلة إليه هو ما جاءت به الرسل وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم هذه الرسل يقول الله عنها : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه . وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لأمته قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ولا أظن أن أي مسلم عاقل يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من أمته اتباع طريقه بصفة الضمير المفرد وهو يعني بذلك طرقا سوف تخلف فيما بعد كل واحدة منها تحت اسم شخص تنتهي عنده ومن هنا يقول الله لرسوله : إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون.

والواقع أن من جاء بالحسنة كائنا من كان فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة كائنا من كان فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون . ولا أظن أيضا أن أي مسلم وفقه الله وسمع المولى عز وجل يقول اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعتمي ورضيت لكم الإسلام دينا ، أن يبقى قلبه بعد هذا الكمال ينتظر بقية دين آخر فذه الأذكار إما أن تكون مطابقة لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما غير مطابقة لها وفي هذه الحالة أظن أن العاقل الموفق من الله يعرف كيف يتصرف .

س / شاب أغشوركيت

هل من كلمة أخيرة في هذه المقابلة توجهها للقارئ الذي أصبح بفضل الله منفتحا لقراءة كل شيء واستخراج خالص الأشياء من زبدته والإستعداد لمناقشة كل ما وقع فيه خلاف فكري ديني سياسي أو إجتماعي

ج الأستاذ محمدو: أنا أقول أولا لكل مسلم [ أل ماهو ماش امعاك لا إعللكلك] ومن قرأ القرآن بإمعان فسيجد الآي الواضحة المعنى وهي قوله تاعلى : ولقد جئتمونا فرادى ، الآية التي تقدم ذكرها في المقابلة ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم ما منكم أحد إلا وسيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان وقد تقدم أيضا ذكرها .

والعاقل يعلم أن قوله تعالى : جئتمونا لا تعني طائفة عن طائفة وأن ما منكم من أحد لا تعني أحدا عن أحد وهنا أقول أيضا أن من قرأ القرآن وجد أن وصف الجنة لا غنى عنه وأن وصف النار لا صبر عليه ولا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه وبعد ذلك كله أعلم أن الله قال في استحالة هداية من أضل الله :ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله .

 

وشكرا.