أغشوركيت ( النافذة الصحية ) : إذا كنت تعاني من الصداع، وخاصة نوبات الصداع النصفي، فأنت تدرك أن ذلك غالبا ما يصاحبه اضطرابات في الجهاز الهضمي مثل الغثيان والقيء والإسهال وفقدان الشهية.
لكنْ هل العكس صحيح؟ فعلى سبيل المثال، هل تُسبب لك معانتك من متلازمة القولون العصبي الصداع؟ يعتقد بعض الباحثين بأن ذلك يحدث بالفعل، ويرجع ذلك إلى الترابط الوثيق بين الأمعاء والدماغ.
بين القولون العصبي والصداع
تُعتبر متلازمة القولون العصبي حالة شائعة تؤثر في الجهاز الهضمي، وتسبب هذه الحالة أعراضا مثل تقلصات المعدة والانتفاخ والإسهال والإمساك. وتميل هذه الأعراض إلى الظهور والاختفاء بمرور الوقت، ويمكن أن تستمر لعدة أيام أو أسابيع أو أشهر في المرة الواحدة.
ووجدت دراسة نشرت عام 2020 في مجلة ميديسن، أن الأشخاص الذين يعانون من القولون العصبي لديهم فرصة للإصابة بالصداع بنسبة 44%، في حين أن الذين لا يعانون من القولون العصبي كانت احتمالية الإصابة لديهم بالصداع أقل وفي حدود 23% فقط.
الصداع النصفي والصداع التوتري
وأشارت دراسة نشرت في عام 2016 بمجلة نيورولوجي إلى أن نحو 22% من المصابين بالقولون العصبي يعانون من صداع التوتر، ولكنّ أكثر من 35% يعانون من الصداع النصفي. ويشير هذا إلى أن الصداع النصفي أكثر شيوعا بين الأشخاص المصابين بالقولون العصبي مقارنة بالصداع الناتج عن التوتر.
ولهذا السبب تهتم الكثير من الأبحاث المتعلقة بالقولون العصبي والصداع بالصداع النصفي.
ويختلف الصداع التوتري عن الصداع النصفي بأنه ينتج عن الإجهاد وتوتر العضلات، حيث إنه يسبب ألما ثابتا على جانبي الرأس وليس ألما نابضا، وهو النوع الأكثر شيوعا من الصداع. وقد يكون صداع التوتر مزمنا، ولكنْ لا ترافقه الأعراض الشائعة لاضطراب الجهاز الهضمي.
ويُعرف الصداع النصفي بأنه حالة عصبية تسبب ألما نابضا غالبا ما يكون في جهة واحدة من الرأس، تسبقه أو ترافقه نوبة من الألم تسمى "أورة" تستمر لساعات أو أيام، وقد تزداد سوءا إذا ما زاد نشاط الشخص، كما يمكن أن يسبب هذا النوع من الصداع الغثيان والقيء، وكذلك الحساسية للإضاءة والأصوات والروائح.
القولون العصبي والصداع النصفي
ووجدت إحدى أكبر الدراسات التي تناولت الصداع النصفي ومتلازمة القولون العصبي ونشرت في عام 2006 بمجلة بي إم سي غاسترونتيرول، أن الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي أكثر عرضة للإصابة بالصداع النصفي بمقدار 1.5 مرة مقارنة بأولئك الذين لا يعانون من هذه المتلازمة.
كما يعاني المصابون بالصداع النصفي أيضا من زيادة خطر الإصابة بمتلازمة القولون العصبي بمقدار الضعف مقارنة بالذين لا يعانون من الصداع النصفي، وذلك وفقا لدراسة نشرت في المجلة الأوروبية لعلم الأعصاب.
ولم يتثبّت الأطباء والباحثون تماما من سبب وجود صلة قوية بين القولون العصبي والصداع النصفي، إلا أن هناك بعض الأسباب التي يمكن أن تزيد من احتمالية الإصابة بكلا الحالتين وبالتالي قد تكون المسبب لكليهما، ومن هذه الأسباب:
- علم الوراثة:
يشترك الصداع النصفي مع متلازمة القولون العصبي ببعض المكونات الجينية، حيث كشفت الدراسة آنفة الذكر التي أجريت في عام 2016، عن العديد من أوجه التشابه الجيني بين الحالتين، وتشير إلى أصول فسيولوجية متماثلة بين هذه الحالات، ووجدت الدراسة أن المشاركين الذين يعانون من القولون العصبي واضطراب الصداع لديهم جين واحد على الأقل يختلف عن جينات المجموعة التي لا تعاني من هذه الحالات.
- حساسية الألم:
يُصنف القولون العصبي والصداع النصفي في بعض الأحيان على أنهما من حالات الألم المزمن التي قد تنطوي على زيادة حساسية الألم في الأمعاء والدماغ. ولاحظ العلماء فرط حساسية الجهاز العصبي المعوي في المرضى الذين يعانون من القولون العصبي. والجهاز العصبي المعوي هو الشبكة العصبية التي تنظم الجهاز الهضمي وتتحكم في وظائفه. وفي الوقت نفسه، غالبا ما يُعتبر فرط الحساسية لمسارات الألم في الدماغ عاملا مسببا للصداع النصفي، مما دفع بعض الباحثين إلى اقتراح أن الأشخاص الذين يعانون من القولون العصبي والصداع النصفي هم أكثر حساسية للمحفزات بشكل عام.
- الهرمونات:
تشير الدراسات إلى أن مرض القولون العصبي والصداع النصفي أكثر شيوعا لدى النساء، لذلك هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن الهرمونات -مثل هرمون الأستروجين- قد تكون مسؤولة جزئيا عن التسبب باضطرابات الأمعاء والدماغ. كما أن هناك نوعا من الصداع النصفي يسمى الصداع النصفي الحيضي الذي يسبب الأعراض قبل أو أثناء فترات الحيض مباشرة، وعادة ما يرتبط تغير مستويات هرمون الأستروجين بالصداع النصفي أثناء الدورة الشهرية.
- السيروتونين:
يعتقد بعض الباحثين في الجمعية الكندية لأبحاث الجهاز الهضمي أن الاتصال بين الأمعاء والدماغ في الجسم قد يكون مسؤولا عن القولون العصبي والصداع النصفي، واعتبروا أن انخفاض مستويات السيروتونين في القناة الهضمية على وجه التحديد هو العامل المحتمل.
كيف تدير الصداع النصفي والقولون العصبي؟
- احتفظ بمذكرات غذائية للصداع النصفي والقولون العصبي
فإذا شُخّصت إصابتك بالصداع النصفي أو القولون العصبي، فمن المحتمل أن يطلب منك الطبيب الاحتفاظ بمذكرات بشأن طعامك، وهي عبارة عن سجل يومي لكل ما تأكله وتشربه، وذلك لأن بعض الأطعمة يمكن أن تؤدي إلى أعراض القولون العصبي أو الصداع النصفي، ومعرفة الأطعمة التي يجب تجنبها مع القولون العصبي والصداع النصفي يمكن أن تقلل من عدد النوبات التي تواجهها.
- عالج الصداع النصفي والقولون العصبي في الوقت نفسه
يمكن استخدام بعض الأدوية لعلاج الحالتين معا، ولذلك قد يتضمن علاج الصداع النصفي والقولون العصبي تنسيق الرعاية بين مقدمي الرعاية الصحية المختلفين.
المصدر : الجزيرة