
أغشوركيت ( آراء ) : لما وقعت الفتنة بالبصرة في أيام ابن الزبير، مر أبو الأسود على مجلس بني قشير فقال: يا بني قشير على ماذا اجتمع رأيكم في هذه الفتنة؟ قالوا: ولم تسألنا؟ قال: لأخالفه، فإن الله لا يجمعكم على هدى، وأنشد في هذا المعنى :
إذا اشتبه الأمران يوما وأشكلا * علي ولم أعرف صوابا ولم أدر
سألت أبا بكر خليلي محمدا * فقلت له ما تستحب من الأمر
فإن قال قولا قلت شيئا خلافه * لأن خلاف الحق قول أبي بكر.
وإذا كانت هذه هي السبيل التي يستبين بها أبو الأسود الحق، فهي ذاتها الطريقة المثلى التي يستبين بها مصلحو هذا البلد سبيل الإصلاح والرشاد والسداد، من خلال "سهام الحقد" التي يطلقها بين الفينة والأخرى "المرجفون في المدينة " فحيث ما صوبت سهامهم ، كان لزاما علينا أن نقف مع الجهة المستهدفة، إحقاقا للحق وإبطالا للباطل.
ومن العجائب والعجائب جمة * أن تسخر القرعاء بالفرعاء ..!!
والشمس لا تخفى محاسنها وإن * غطى عليها برقع الأنواء
وإن من عجائب الدهر، واختلال الموازين، تصدر الرويبضة للمجالس، وجعل تفاهاتهم آراءً تستحق الوقوف على كل شاردة منها ووارة:
ولو أني بليت بهاشمي * خئولته بنو عبد المدان
لهان علي ما ألقى ولكن * تعالوا فانظروا بمن ابتلاني.
وقبل أن أرد على تلك الأراجيف بخصوص التشكيك في المندوب العام للتآزر، فإني أرى أن أولئك أزرو بولي نعمتهم، وأدخلوه في ورطة كان في غنى عنها، حين حرضوا على حمود ولد امحمد بحجة أنه كان جزء في نظام الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطائع.
وإذا كان هذا السبب مانعا من تقلد المناصب، فما بالك بمن كان جزءً من نظام الرئيس السابق الذي يناصب النظام الحالي العداء ؟
أليس الأولى إزاحة الشخصية الأبرز في نظام ولد عبدالعزيز، والذي ذكر في أكثر من محفل بأن إصلاح الصحة والتعليم رهينان لبقاء محمد ولد عبدالعزيز في السلطة ، وأنهما إذا لم يتم إصلاحهما في حكم ولد عبدالعزيز فإنه لا يمكن إصلاحهما في أي حكم آخر ؟
أليس الأولى التخلص ممن لا يحفظ ودا لصاحب، ولا يألو جهدا في كشف أسراره، وهو الذي كان يردد على مسامع المواطنين بأن بقاء نظام ولد عبدالعزيز أولى من الصحة وتوفر المياه والكهرباء، فلما دالت الأيام ودارت، دار حيث دارت ودالت ؟
أما معالي الوزير حمود ولد امحمد فلا يضيره تقول المتقولين، ولا رأي "بني قشير".
ومما لا يدركه "المرتزقة" أن حمود رغم بساطته وطيبته لا يقبل الابتزاز ولا يساوم في المصلحة العامة وهو ما لم يدركه "أدعياء الصحافة" ، الذين حاولوا بشتى الوسائل إلصاق تهم واهية بشخص لم يعرف الفساد إليه طريقا خلال مسيرته المهنية الطويلة، والتي تولى فيها تسيير الكثير من القطاعات الحساسة خلال ما يربو على عقدين من الزمن .
لقد ظلت إنجازات الرجل شاهدة على أنه كفاءة وطنية قل نظيرها ، يتجسد ذلك في القطاعات التي أدارها بكل حنكة واقتدار، لكن شخصيته القوية التي تأبى الهوان والانكسار والرضوخ للابتزاز جعلت منه مادة دسمة لبعض الأقلام المأجورة، والتي ستؤول حملتها إلى الفشل طبعا مثل حملات أخرى سبقتها وأخرى ستتلوها.
لقد شق ولد امحمد طريقه إلى القمة بهمته، وارتقى إلى المراتب العليا بحنكته وحكمته:
نفس عصام سودت عصاما * وعلمته الكر والإقداما.
لقد كسب الرجل بحسن سيرته وشفافية تسييره ثقة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني حيث أوكل إليه مهمة تأسيس شركة تكون رائدة في أهم مجال من مجالات الاقتصاد الوطني وهو قطاع المعادن وقد وضع لها أسسا قوية لتكون رغم قصر عهدها رائدة في مجال التعدين.
كانت "معادن " حينها مجرد فكرة مكتوبة في برنامج تعهداتي. قبل رجل المهمات الصعبة التحدي واستلم معادن مرسوما من ورقتين، وفي أقل من ستة أشهر دشن الرئيس أشغالها واستمرت في العطاء إلى أن غادرها وإنتاج الذهب التقليدي في ذروته وهي شركة قوية تزيد أرصدة حساباتها على ستة مليارات وترسانتها القانونية مكتملة ومقراتها مجهزة ومختلف مناطق التنقيب تتوفر على خدمات الماء والكهرباء وشبكة الاتصال.
غادرها والاستثمارات في القطاع بمليارات الأوقية وسواعد موريتانيا تستخرج ذهب موريتانيا لتبني موريتانيا تجسيدا لشعار الشركة الذي أطلقه حمود والذي ما زال يتردد إلى الآن على ألسن المنقبين.
كما ظهرت ثقة الرئيس غزواني في ولد أمحمد عندما كلفه بإدارة مندوبية التآزر، باعتبارها صمام الدعم الاجتماعي لأكبر عدد من الفئات الهشة في أقاصي وأدغال الوطن، فنجح في إيصالها إلى كافة المناطق النائية والبعيدة، مما جعلها تلعب دورًا محوريًا في تحسين أوضاع الفئات الأكثر احتياجا.
حين تولى ولد أمحمد إدارة وتسيير وكالة "التآزر" ومن يومها وصل الرجل ليله بنهاره، حزم أمتعته وأعد عدته ولا يكاد من يومها أن يجلس بمكتبه يوما واحدا بإدارة الوكالة بالعاصمة نواكشوط، لكثرة أسفاره رفقة طاقمه الذي غرس فيه روح الوطنية والبذل والتضحية من أجل الوطن وخدمة المواطن.
تكفلت "التآزر" في عهده باليتامى ووفرت التأمين الصحي لمئات آلاف الأسر المتعففة، وشيدت المدارس وحفرت الآبار.. بنت الدور والمجمعات السكنية.. قسمت الأموال على الطبقات الهشة من المجتمع هذه الطبقات التي كانت إلى عهد قريب في خانة المنسيات.
حط الرجل وطاقمه المتميز رحالهم في شتى مدن وقرى هذا البلد الشاسع جغرافيا.. وكانت كل محطة لهم تتميز عن الأخريات بإنجاز مشاريع مهمة تنوعت تلك المشاريع حسب طبيعة وحاجة كل بلدة.
لقد دأب ولد أمحمد منذ توليه للمؤسسات طور نشأتها على تأسيس مأسسة قوية لتستجيب لمتطلبات العصر وسلاحه بكل سلاسة.
ظهر ذلك في توليه ـ قبل ذلك ــ للسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية التي نجح فيما رسم لها من تقديم خدمات هامة للقطاع الاعلامي المتمثلة في الدعم والتكوين والتأطير.
كل تلك الإنجازات لم تشفع للرجل عند لوبيات الفساد الذين "لا يحبون المصلحين" وقد تقاسموا أن يبعدوا حمود مرة أخرى كما أبعدوه في عهد ولد الطايع وعزيز وذهب أولئك وبقي حمود بكفاءته وخلقه وإنجازه وصبره وتفانيه في خدمة بلده.
الدكتور عبدالرحمن محمد محمود