تعتيم إعلامي في الساحل يرافق الحرب ضد الإرهاب | أغشوركيت

تعتيم إعلامي في الساحل يرافق الحرب ضد الإرهاب

أحد, 03/08/2025 - 18:20

أغشوركيت ( أنباء إقليمية ) : تشهد منطقة الساحل، خاصة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، تكتماً إعلامياً متزايداً بشأن الخسائر البشرية في المعركة المستمرة ضد الجماعات الجهادية، حيث تتعمد الأنظمة العسكرية الحاكمة التخفيف من حجم الهجمات أو إخفاءها تماماً، في إطار استراتيجية اتصالية تهدف إلى الحفاظ على شرعيتها السياسية.

رغم وعودها بإعادة الأمن عقب توليها السلطة، تدهورت الأوضاع الأمنية بشكل ملحوظ، إذ سجّل مؤشر الإرهاب العالمي في 2024 نحو 3885 قتيلاً في منطقة الساحل وحدها، بينما تقدّر مراكز بحثية متخصصة الرقم الحقيقي بأكثر من 10 آلاف قتيل، مع بقاء بوركينا فاسو الأكثر تضرراً للسنة الثانية على التوالي.

يؤكد خبراء أن هذا التعتيم يدخل ضمن حرب إعلامية موازية للحرب العسكرية. فوفق الباحث سيديك أبّا، فإن الأنظمة تخشى أن يؤدي الاعتراف بالخسائر إلى إضعاف صورتها أمام الرأي العام، وهي التي بنت شرعيتها على فشل الحكومات المدنية السابقة. كما تُستخدم هذه السياسة لمنع تفكك الروح المعنوية لدى الجنود والسكان.

في بوركينا فاسو، أصبح الصمت الإعلامي سياسة رسمية، حيث يرى الرئيس الانتقالي إبراهيم تراوري أن إعلان الخسائر يُعد ترويجاً لدعاية الجماعات المسلحة. ويُعرّض الصحفيون والمواطنون الذين يحاولون نشر معلومات مخالفة لخطر الاعتقال والملاحقة.

أما في النيجر، فالوضع يختلف نسبياً، إذ تُجبر الضغوط عبر شبكات التواصل الاجتماعي الحكومة على تقديم توضيحات سريعة عند وقوع هجمات، حفاظاً على ثقة المواطنين. ومع ذلك، تبقى المعلومات جزئية ومتضاربة في غياب قنوات رسمية شفافة.

في ظل هذا التعتيم، تدفع العائلات الثمن، إذ غالباً ما تعلم بخبر مقتل أبنائها عبر الإنترنت أو من خلال الجنود العائدين، دون أي تواصل رسمي من السلطات. ويطالب الخبراء بإرساء قنوات اتصال إنسانية تُعنى بإبلاغ الأسر بطريقة تحفظ كرامتهم وتُعبّر عن امتنان الدولة لتضحياتهم.

هكذا تستمر الحرب في الساحل على جبهتين: معركة ميدانية دامية، وأخرى إعلامية تخوضها الأنظمة العسكرية سعياً للحفاظ على صورتها، ولو على حساب الحقيقة.