في الذكرى العشرين لوفاة الشيخ ولد مكيّ رحمه الله.
حدثني الشيخ ولد مكي992 1في ألاكَ قال:
لقيت سيديا بن هدار في اندر و أنا شاب يافع و كان شيخا كبيرا فقلت له أريد أن تعلمني لِغْنَ فأنَّ أنّة طويلا ثمّ أطرق هنيهة و قال:من أي قبيلة أنت؟ قلت من إجيجبه.قال مازحا : إننا نتخذ من لغْن وسيلة تكسُّب و من طلب منك أن تعلمه و سيلة عيشك الوحيدة فقد أحرجك !أمَا إنك ضيفٌ فسأعلمك لغنَ بشروط ثلاث هي: أن لا تنتهك به أعراض المسلمين فالله قد حرمها بالنثر فكيف بالشعر ، و أنْ لا تضيِّع أيَّ فرصةً تهيأتْ لك لاقتناص فكرة شاردة دون اغتنامها و لو لم تُذِعْ ما أنتجته لأنَّ في ضَياعِ " المقصد " كبْتا للقريحة و تثبيطا للمَلَكَةِ ، و أن لا تُنشد ما أنشأته على الناس قبل أن تطمئنَّ إليه مهما طال احتفاظك به لنفسك دون الغير.
ثم أمرني سيديا بأن آتيه بدفتر ففعلت و قال لي إن اكتساب القدرة على إنشاء الشعر لا يتأتَّى إلاَّ بحفظ مختارات الشعرحتى تختزن الحافظة رصيدا كبيرا منه و منه سأكتب لك ما شاء الله في هذا الدفتر على أن تجتهد في حفظه.قال الشيخ : ملأ الدفتر من جيِّد الشعر الحساني و عدت إليه فاستلمته و حفظت ما فيه بعد حين و صرت كلما عمدتُ إلى محاولةٍ عرضتُها عليه فأعرض عنها حتى جاء ذلك اليوم الذي أتيتُه فيه عشيةً و هو جالس في ظل السجن المدني بحي " لوضه " فأنشدته طلعة فوجئتُ به يَستحسنُها أَيَّما استحسان و يُطلق بحقها مختلف عبارات الإطرء و منها " اتْبَرْبِيرْ " و هذه الطلعه هي طلعة "وَيَاجَه" المشهورة.
سألته مرة عن علاقته بالشاعر محمد ولد أبنُ بن ٱحميدن فقال لي:كان أكبر مني سنا بالقدر الذي أُوقره به فيرحمني.
و قال لي مرة إن المختار بن داداه كان يقول له إنه يعتبر إنتاجه السياسي بمثابة تقارير وافية.
هذا و من أحسن ما سمعتُه مباشرة من الشيخ ولد مكي من إنتاجه قوله:
حرِّ كانْ انزلْ بدويراتْ == إِفرْشِ و انزلْ بالليَّاتْ
من لخيام أُ عادْ ابلِلِكَّاتْ == البلْ شِ و انزِلْ شِ سَكَّامْ
و انزادْ اكَدِرْ من لِعْوَيْناتْ == و انزاد امْن الخَطْ اجَّنْكَامْ
و اتفسْكاتْ النوبَ ما فاتْ == ٱمْنْ الهمْ ٱجْبَرْ حدْ الْ هَامْ
أُ لا خلاَّه التخمام إتَمْ == افْ لخيام إِرد التخمامْ
فالهَمْ أُلا خلاَّه الهم == إرِدْ التِّخمام افْ لخيام
رحم الله السلف و بارك في الخلف.