تبدأ القصة من هنا حينما قرر امبارك القيام بزيارة لانواكشوط فعهده به عهد المختار ولد داداه بالحكم ... امتنع امبارك في أول الأمر من ركوب السيارة فقد اعتاد أن يعتلي صهوة جواده في ترحاله، أقنعوه بركوب السيارة فاستجاب للأمر مرغما ... ورغم بعد الشقة فلم يقبل والدنا امبارك الأكل أو الشرب في الطريق أو أمام الناس فليس ذلك من شيمته كان امبارك كلما مر بقرية صغيرة ظنها انواكشوط ... وأثناء السفر حذره صاحب له من القدوم ضيفا على أحد، فالكل أصبح لا يأتمن أقرب المقربين، فأوجس في نفسه خيفة واستغرابا .... أخيرا وصل نواكشوط فقرر القيام بجولة وحده، لم يجلب امبارك معه من المال سوى 5 آلاف أوقية ظنها تكفيه مئونة حله وترحاله، قرر أن يقصد سوق العاصمة .. فبينما هو يتجول مندهشا بما جرى بعد غيابه مر على باعة "المشوي" فغدى كل واحد منهم يناديه من جهته ليحل ضيفا على تجارته .... فأعجب امبارك بأسلوب الضيافة هذا وقال في نفسه : لقد كذب علي الصاحب حين أخبرني عن العاصمة وأن " كل شِ صوكُو فوكُو " وأضاف ظنا منه أن الأمر هبة ـ : إننا في البادية نستقبل الضيوف ونود إقامتهم عندنا لكن هؤلاء ـ أي باعة المشوي ـ يتنافسون على الاستضافة ـ قرر امبارك أن يجلس عند أقرب بائع للمشوي، .... بادره صاحب المشوي قائلا : اتْفضَّلْ اخترْ ش من ذَ اللحم" تفاجئ الضيف وازداد إعجابه فعهده ألا خيار في أموال الناس ... أخيرا اختار ذراعا بكامله ففرح بائع المشوي وبالغ في إكرامه ثم سأله : أتريد الشاي ؟ أجاب بنعم ، فسأله كم كأسا يريد ؟ فابتسم وقال : إن البعض يفضل ثلاث كؤوس أما أنا فأفضل الأربع : أربع ولا تترع فإن الأربعة ** أشهى إلي من ثلاث مترعة أجهز امبارك على اللحم وشرب الشاي ثم هم بالخروج وهو يشكر بائع المشوي ويبالغ في مدحه وشكره على حسن ضيافته، ساء الأمر حين طلب منه دفع ما أكل من لحم وشرب من شاي، وازداد الأمر سوءً حين أبلغه بأن الثمن 5800 أوقية ، وأن ثمن الكأس الواحد 50 أوقية، فرد عليه امبارك : اماَّلكْ ما اتْكولهالي مَريخْسكْ ، أنتَ مانكْ من مدَّه اغْليظَه ، رد عليه بائع المشوي : المهم عندي الا فظتي ، أدخل امبارك يده في جيبه وأخرج منه 100 أوقية وأعطاها لصاحب المشوي فغضب الأخير وهم بالمشاجرة ، وأثناء ذلك الشد والجذب أدخل أحد إخوتنا "جينْكاتْ المرصة" يده في جيب امبارك بطريقة محترفة واستل منه ما تبقى من نقوده، وبعد انتهاء المعركة قرر امبارك أن يعطي 100 أوقية أخرى لصاحب اللحم فلم يجد غير خيط في أسفل جيبه، نسيت زوجته وهي تنسج الجيب أن تقطعه ... قرر امبارك الخروج عن السوق فورا وكانت الساعة حينها تشير إلى الثانية ظهرا فأخذ امبارك وجعل يقيس قامته ليتأكد من دخول وقت الظهر ... سألهم عن أقرب مسجد فدلوه عليه فانطلق وهو يرتدي فردتي حذائه من طراز "اجْلودْ المَدْبُوغِينْ" الذي لبث عنده 10 سنوات، ما كان يظن أن يتشهاه غيره، ترك حذاءه عند باب المسجد ودخله وبعد انقضاء الصلاة لم يجد حذاءه فغدى يفحص كل فردة نعل أدخلها ذووها المسجد خوفا عليها من مصير حذاء امبارك تجمهر الناس حوله وظنوه يريد بأحذيتهم شرا بعدما أمنوها حين أدخلوها معهم ، سمع أحدهم ينادي "سارق" فالتفت إليه قائلا "أين هو السارق" اكبيل اصركْ اعليَّ اطرينيشة عند صاحب المشوي وظركْ ايدورْ ايدير امعاها انعايلي" ، ضحك المصلون منه وأشفقوا عليه، عبدالرحمن ولد بون