أغشوركيت ( مقالات أبناء الولاية) : لقد تابعت بإصغاء وتمعن حلقة بثتها قناة المحظرة الفضائية ـ إذاعة القرآن الكريم المرئية ـ بمناسبة الذكرى الثالثة لإطلاقها , والتي عمدت من خلالها إلى تقييم دور القناة في السنوات الثلاث الماضية , ومدى إسهامها في توصيل الرسالة النبيلة التي أنشئت من أجلها , كبادرة من بوادر القيادة تستحق الشكر والتنويه على أرض المنارة والرباط,
في لفتة كهذه تعيد للمحظرة ألقها وترد لأهلها وأبنائها الاعتبار, وتحولها ممن ظهور العيس إلى هواء الفضائيات المسموعة والمرئية, بعد أن كانت رهينة البيوت والأكواخ, تتعاورها الذاريات من الرياح لا تولج في الغالب إلا بشق الانفس, استحداثا لمنظومة التعليم المحظري القديم, وقد أعجبني بعض الضيوف في طرحه التنويري المستقيم, وإبداء ملاحظات ترد على إدارة القناة شكلا ومضمونا, مما يمكن أن تعول عليه في النهوض بمشروع تعرض إلى هزات التوظيف والتمصلح, قلصت من منتوجه التوازني إلى حد توظيف العواطف والمبالغات المنسوجة على خارطة التلقين والإطراء المفرط, بناء على هندسة الهيمنة والاقصاء الممنهج, تطويعا لمنابر العلم وشيوخه ( اللامنتمين ) كعادتهم الفطرية .
مما تسبب في انحراف الصرح وانبتاره رجوعا إلى الوراء رجعة القهقرى .
ليخطف برقه الخلب أعين المشاهدين والمتابعين, إذ لم تكد تكمل عامها الثالث حتى سئموا من تكرار البرامج وإعادتها, وتغييب الشيوخ المتفردين بالفنون, واستبدالهم بالطفيليين الذين لم يطوفوا بخباء المتون ولا شروحها, ولم تشغلهم المسائل بعويصها, بل أعوزتهم بجذاميرها, تموقعوا على فضاء لا تربطهم بعنوانه إعادة اللفظ ولا معناه, وربما مروا على بعض مواده مرور الأتي على الصفاة, فكانت الفوضى والانشطار في خط القناة التحريري ومرحلة من مراحل عمرها الفاصلة التي عرجت مشيتها إلى الانقراض, وأدخلتها في فخ السياسة والأطوار, مما لم يحلم رائد من روادها أن يسلك طريقه المعوج, ولا أن يصاب به آلة مقابل انتفاع.
إنها اللعبة السياسية والتكالب المشؤوم يتدخل في تمهيد بطيء يمحق من خلاله الثمار, ويأتي على الأخضر منها واليابس, ويسحق أرشفة طوت الكثير من ينبوع الوحي وكنوزه, مما يضمن الحفاظ على الوراثة النبوية الخالدة التي من أخذ بها أخذ بحظ وافر, والتي تشكل باقتها نموذجا من الإنتاج الإعلامي والثراء المعرفي الرابح, الذي يستوجب الصيانة من الجميع, لولا انهيار العناية الهشة المسايرة للانتكاسة واستفحالها, إبعادا لأهل الاختصاص وأسياده من علماء ودعاة وقراء وصحفيين فنيين, يجمعهم العمود الفقري للمؤسسة ( المجلس العلمي لإذاعة القرآن الكريم ), وإن كان التعنت في سبيل إخفاق صرح كتب له أن رأى النور على يد هؤلاء يعد إخفاقا لشعاع شمسه بالبزاق, وتدميره بعد بنيانه المرصوص ضربا من الخيال.
وتزامنا مع هذه الذكرى نرجوا من الله تبارك وتعالى أن يحفظ معلمة عزنا وفخرنا وشعاع حضارتنا وميزتها, وضمان تعايشنا وصمام وحدتنا, وأن يبقي دوحة خير شتقيط مستظلين بظلالها, ويجدون في موروثها برد السلم والسلام, ونعيم السعادة والاستقرار , وأن ترجع إلى سابق عهدها, وضيوفها الأكفاء من ذوي القدرة المعرفية الغزيرة, حتى تكون مشعلا يضيء لجيل اليوم وأشبال الغد طريق النجاح والوطن المنشود, ومسلة يتسلق المستمع والمشاهد سلمها إلى ضياء المعرفة والعلم, تمجيدا لصفحة المؤسسة الدينية الوليدة, وخلقا لمجد سيبقى محفورا في ذاكرة التاريخ العلمي والثقافي والاعلامي, استمرارا للدور الريادي الذي كادت القناة ان تلفظ أنفاسها سبيلا إلى تقديمه رغم حداثتها, متخذة بذلك قرارها الأمين, في إنجاب الطلاب من ذوي الصنعة المعرفية المنيعة.
محمد المصطفى / الولي