أغشوركيت ( كتابات أبناء المقاطعة) : ماكان لي أن أؤوب إلى واقع يتنفس أهله الصعداء ، وتشرئب نفوسهم إلى غد أفضل .
لولا إيراد اسمي في مقال ( شكار الواقع يتحدث عن نفسه ) ، لأخي الكريم : يعقوب ببكر عاشوراء الذي افتتحه بالتمني المحمول عندي على دلالته القرائية ، والمصروف عن معناه الغالب المنسوج على حرف الجدال المنبوذ في الشرع إن لم يقصد به الوصول إلى طرق الحق الفجاج .
ولعل من أصفيت له الود لم يقرأ ماكتبت بتمعن واستواء ، ممايشعر بتحريف ضمني للكلم عن موضعه ، ويسم طيب الأرومة بمالم يكن في عشيرته ،— حسب ماعلمت ، إلا أن تقلبات الزمان تجري بمالا تشتهي السفن ...
فأنا و— أعوذ بالله من الأنا— لم أقل إن شكار جحيم الآخرة ولاجهنم الدنيا ، لأن ذالك شأن الناقد المنتقم ، وديدن السياسي المأدلج ، بل قمت بجرد للواقع المتأقلم مع الحقيقة التي توازي بين الموجود والمعدوم ، وتنبه من كسي الذعرى ألا تواطأ في المستقبل على مركبات النقص والإضطهاد محموم ، حقيقة لاتشتري حسن الثناء ولاتستذرب الرضاب على الفتيل ، تستنطق واقعا لامناص من استنطاقه بعين الناظر المنصف ، والشاهد الذي يحب لأخيه مايحب لنفسه .
وإن اعتبرت أنت و — العبد الضعيف — أن مايكتب ينبغي إشراك القراء فيه ، فهو اعتبار موفق ، وتذكرة حميدة . إلا أن هناك من تعرفهم ممن يعتبرون طرق هذه المواضيع جريمة نكرى في حقهم ، لاتغتفر إلا بقلب الأمور وتطويعها على وتيرتهم التي تعودوا ، وهذا ماتمنعه علينا مرجعيتنا الدينية ومنظومتنا الأخلاقية ، وبما أن هموم المواطن تعتبر المادة الأولية لهذه الكتابات حيث الحقيقة جاهزة أقول :
• — الإنتماء السياسي للأطر : لم أذكره على سبيل النيل والنشاز — معاذالله — ، إنما لتقوم الحجة على أولئك الذين يكرهون المواطن الشگاري على ماليس اقتناعه ، تكبيدا لحقه السياسي المشروع ، بناء على مصالح يطبعها المطل في إيجابها ، ويسودها الإستشراء في إبعادها ليصبح سجين الألم.
•— السوق : لعله طال عهده بالسوق وأروقته المتهالكة ، وغابت مستنقعات النفايات عن مسامعه ، ورقدت حركة السوق بعده بسبب الأسعار المرتفعة والفوضوية المسيطرة على كل أصعدته ، فالشراء ليلا لم يعد معهودا ( إن كان موجودا) ، لاقرب المدرسة : 2 ولاعند مجمع غزة التجاري ، إذ التاجر يوصد أبواب دكانه عند ما تنساب شمس الأصيل على مصراع بابه قبل أن يسدل الليل ستار ظلامه — الدامس في تلك البقعة — خوفا على ممتلكاته من النهب والسلب والإعتداء الذي باتت فرائص المواطنين ترتعد منه ، فعن أي سوق تتحدث ياأخي العزيز ؟ هذه براهين طالما تعالت بها صيحات الساكنين وارتفعت بها أصوات المطحونين المستضعفين .
•— وحدة التخزين : لاتوجد حتى تعمل ، ولاتعمل حتى تذكر ، وأسعار السمك الذي تحدثت عنه لم ترتفع إلا في شگار ، مع أني لا أستبعد ارتفاعها في من هم على شاكلتها من البلديات التي تدار من خارجها .
•— الصحة : مايوجد في المركز الصحي ليست صيدلية إنما هي جرعات حيوية من أدوية منتهية الصلاحية يستورها ممرض المركز من مستودعات لاتخضع للرقابة ولا التأمين الصحي ، تقبع في مقاطعة أبي تلميت ، والتي كادت أن تروح ضحيتها إحدى السيدات في المدينة ، والصيدليات التجارية لاتغني المواطن عن عناء السفر إلى الولاية من أجل شراء الدواء ، فهنا المشكلة ! والبلدية لم تقم بالواجب حتى تتطوع ، النواقص مازالت تتفاقم ، والحرف مازال متحركا وجامد ..
سل يأخي المواطن المضني يخبرك عن حاله ، ولاتظن بالساعي إلى إسعافه .
•— التعليم : مقالنا الأول عبارة عن شذرات من تراكمات تستوجب منا الإختصار على كبريات المشاكل وتقديم الأهم حسب تطلعات المواطن ، وماذكره من مدارس لم يذكره اعتباطا، بل يتحدث على لسان الأسرة المهاجرة ، التي عانت من انقطاع أبنائها عن الدراسة في انتظار ماتفيدهم المصلحة اليوم به من تمام دراسة إنجاز تردد في قرع المسامع أزمانا ، توجت باتفاقيات غامضة ! وإن كان العمدة ير جع السبب في انخفاض المعدل الثانوي إلى غياب الوعي بضرورة التمدرس و أولوية التعليم .
•— المياه : هي أكبر مطلب يترجى تحقيق حلمه المواطنين ، وإقرار التوسعة مازال حديث مناسبة تعد به الأجندة المواطن وتمنيه بمضخة كان من المفترض أن تنتهي الأشغال فيها مع بداية الشهر المنصرم ، لكن الأسباب الكامنة وراء ذالك باتت معروفة ، فالأحياء في هذه الأيام تضربهم موجة عطش ساحقة ، يعانون من ظمإ تغذيه حرارة الأيام وتدفعه الأماني العرقوبية البطيئة .
بيد أن هذه القرى لاتوصف بالضواحي إلا مجازا ، مما يجعلك ترى أنه من الإنصاف تغطيتها بشبه التوسعة الواحدة ، فضلا عن القرى النائية التي لاتذكر إلا عند الحاجة ...
لذالك أرجو منك ومن غيرك من الشباب الغيورين على مدينة تربو في كنفها أزمانا لاتعرف أزقتها إلا العدل والمساوات ، أن يزرعوا في نفوسهم الأمل والبذل والتغيير الذي لاتأثر فيه البنود والشيكات ، وأن يستيقظوا من نوم التمام ، ويشمروا عن سواعد الجد والإجتهاد ، وأن يتركو ضرب الدفوف وراء السياسة ولعنتها ، ولايهيموا في مفازة التجاذبات والصراعات التي تشغلهم عن مصلحة مشتركة يظل مدعيها مقارض أهوال خليع عذار ، فعليهم أن يراهنو على إنقاذ مدينة تصاممت عن تاريخها الأجيال ، وتمادت في خرابها الأبطال ، حتى كادت أن تكون حلقة غلامية في زيها المجهول .
بعد أن أفضو رجالها البناة إلى ماقدموا ، وقليل من هم المتشبهون ، الذين لايستكعون عن حق المواطن حتى يرعف الإبريق في كل شبر من شكار ويقرقر .
فالتغيير لايأتي بالطي المنشور ، ولابمطاطات إطرائية أوقية بغيضة ، ولابحكمة شطار طنبور تحبوا إليه الأصاغر على استحياء لنيل ما لاثمرة فيه تجنى ، ولا أمل في أفقه يلوح ؟ .
وشكرا .