بعد الجهود المضنية التي بذلها المؤرخ الراحل المختار ولد حامدن تغمده الله بوافر رحمته في جمع تاريخ أهل هذه البلاد. عكف باحثون متخصصون على تحقيق بعض أجزاء تلك الموسوعة فأفادوا _مشكورين_ الساحة العلمية بأعمال تاريخية بالغة القيمة. ويعتبر جزء و فيات الأعيان الذي ترجم فيه المحققون لما يناهز الألفين من علماء وأعيان البلاد أحد أهم أجزاء الموسوعة بفعل قيمة مادته العلمية أولا. وتمكُن الفريق البحثي الذي أشرف على تحقيق النص الأصلي من ناصية الموضوع ثانيا.
وبحكم الاهتمام بكل ما ينجز حول تاريخ أهل هذه البلاد فقد انتهيت قبل أيام من قراءة هذا العمل الذي أود أن الفت عناية القائمين عليه إلى الخطإ الذي استوقفني وأنا أقرأ ترجمة لأحد أعيان وعلماء منطقة لبراكنة فرأيت أن من اللازم التنبيه عليه.
أورد المحققون ضمن وفيات 1323 هــــ ص 200 الهامش 1398 ترجمة للحاج أحمد ولد المنجى. وحدث خلط كبير بين ما أورده ولد حامد في المتن وما أثبتته المحققون في الهامش حيث أوردوا ترجمة لحفيد العَلَم، وهو شيخنا الحاج أحمد ولد المنجى "الملقب "محمد يحيى" أطال لله بقاء في صحة وعافية . والغريب أن المصدر الذي نقل منه المحقون هذه الترجمة حين رجعت إليه وجدت أنه ترجم ترجمة واضحة لا لبس فيها للرجل وحفيده دون أن يكون خلط أ و تشويش.؟؟!!!! والمرجع المذكور هو: المؤلفون ومؤلفاتهم في منطقة لبرراكنه، بحث تخرج من المعهد العالي للبحوث والدراسات الإسلامية أعده الأستاذ محمد السالم ولد الغلاوي.
و تكميلا للفائدة أقول بأن الحاج أحمد الذي ورد في النص الأصلي هو: الحاج أحمد ولد الشيخ عبدي ولد المنجى الملقب "الناه". أخذ الفقه عن محمد الحاج ولد أحمدُو ولد حبيب الله شيخ محظرة الصفراء. وعُرفت محظرة الحاج أحمد ولد المنجى رحمة الله عليه بفرع الصفراء. رشحته جماعة إيجيجبه لتولى القضاء بعد أن عادت أزمة الفراغ القضائي من جديد بفعل وفاة محمد عبد اللله ولد ديد الذي ترك ابنين صغيرين وهما "ديدّ وأحْمدو اللذيْن سيشغلان فيما بعد منصب القضاء في الفترة الاستعمارية. و يقول الرواة الثقات أن جماعة إيججبه طلبت من الحاج أحمد ولد المنجى تولي القضاء فرفض وحين ألحت الجماعة في الطلب لدرجة أنها لوحت باستدعائه إلى الشرع إن هو أصر على الرفض قبل بشرط أن تضمن له الجماعة السمع والطاعة في كل ما يصدر عنه فقبلت على الفور. وبدأ يطرح شرطه على الجماعة فردا فردا حتى وصل إلى المُصطفى ولد الطلبه وكان فقيها ورعا فقال أنت يا مصطفى هل تضمن أن تكون سامعا مطيعا فيما آمرك به قال نعم إن وافق الشرع. فقال إنَّ مما يوافق الشرع توليتك القضاء وقد وليتك قضاء الجماعة. فلم يجد ولد الطلبه بدا من الاستجابة.
وبهذه الخطة الذكية تخلص الحاج أحمد رحمة الله عليه من حرج المنصب. بعد أن وكله لمن تَعرِف منه الجماعة الأهلية الشرعية. و يستشف من هذه القصة مدى ترسخ ثقافة الزهد في الرجل. وحرصه على إعادة المنصب إلى حاضنته الاجتماعية بطن إيد اشفاغة. وبالتحديد "بيت أهل ديده"
أفتى الرجل فتوى مخالفة لفتوى المصطفى ولد الطلبه قاضي الجماعة حيث أفتى هذا الأخير بوجوب الهجرة عن المستعمر في حين رأي الأول عكس ذلك بحجة أن الفرنسيين لا يتعرضون للناس في أمور دينهم.
و أو ضحت مجريات الأحداث في المنطقة رجاحة رأيه وصوابيه فتواه فنزل الكل على رأيه بعد أحداث محلية معروفة.
كانت علاقته بمشايخ الصوفية في عصره محكومة بموازين الشرع فكانت علاقته بكل من الشيخ عبد الله ولد المصطفى _الجد العام لأسرة أهل الشيخ عبد الله المعروفه،_ والشيخ المصطفى ولد الشيخ القاضي الملقب "النها" علاقة ود واحْترام وهي علاقة لاتزال قائمة بين أحفادهم.
تنبه الحاج أحمد إلى عقدة تطارد الكبار الذين فاتهم التعلم في أيام الشباب وما ينتابهم من خجل إن هم عادوا إلى الدرس فحرص على إذابة تلك العقد وأدى دورا محمود في تعليم تلك الفئة.
الكاتب الزميل الشيخ عبدي ولد بيده