نقف اليوم مع أنشودة من عيون المدائح النبوية الشنقيطية التي تقمصت ذراري الجمان بأنداء " مغان " برقت قوافيها بروقا شامه الوصف بحب الله والتتعلق برسوله صلى الله عليه وسلم ’ قلب حداه الشوق من الصحراء إلى " دار الفتح مثوى إمام الرسل مأمن كل جان "... إنه فضاء ملب هز مشاعره بصفاء قريحته وجمال فنه الذي تساءل عن مراده يوما وقد نبض قلبه بحب من " يلاقي المعتفين بكفهر يسح على قلبه مدى الزمان "
..... إنه الحب –بحاء – كبيرة كما يقول الفرنسيون في لغتهم . إنه الفؤاد المذلل بآلام التلذذ في البحث عن الحقيقة الممتطي طالبه جنح التمام صحبة سرب ترحل في بكور على " وجناء دوسرة هجان " .
تبذ العيس لاحقة كلاها وتطوي البيد مسنفة اللبان ..... ترى بعد الدءوب كأخدري بيمؤود أرن على أتان .... قدلايتصور القارئ الكريم صدور الشعر الموسيقي في نمط العزوف على أوتار إجراءات الخطاب الشعري المفعم بتناغم الآيات " الفقهية " لدى شاعرنا الذي ولدت حروفه من رحم البيان المترفع على ظهور البراعة والجمال في بئة بدوية صاحبها حل وترحال دائبين في رحلة الشتاء والصيف ’ سبيلا إلى بناء مؤسسات الحياة أو الحالات الثقافية والإجتماعية والإقتصادية ....
إنه العلامة الفقيه ’ والذرب الفصيح ’ من يعيى الفك عن محاسنه ويضيق صك " المقال " عن مناقبه ’ ذالكم الشيخ : محمد بن محمد سالم (دب سالم ) رحمهم الله ‘ نشأ في حاضنة علمية فريدة التكوين ومتعددة التخصصات ‘ تشبع من معارف الأهل وتأثرت شخصيته بوسط الصلاح ومجمع النسك والتصالح ( ازوايت الشمس ) ‘ حيث أصبحت منا زلهم – من تقادم عهدها – مستنقعا للماء ومنهلا يحط في شراعه طلاب العلم والمعرفة ، بعد أن أغارذكرها في المسامع وأنجد إشعاعها في الآفاق ‘ تمكنته في عنفوان شبابه الإرادة المسيطرة وراء الأشياء ‘ وقابله في الأفق باب " العقيق " وتذكر " سلع " ودنا في ذالك المسرى دنوا ....... على نهد المراكل شيظمي ... أقب مطهم سلس العنان ... هم بالرحلة إلى الحج ولكن هاجس المصالح العامة للمسلمين منع " عميد القلب ملتاث اللسان .." من مساس تربة " طيبة " والوقوف " بعرفة" والسلام على أفضل مخلوق على سطح "ذي لجب " ، وكثيرا ماعلم عن إمام دار الهجرة أنه لم ينتعل .. .
إنها ظروف البقاء فتحت نافذة الأدب في خيالاته العطشاء للتعرف على جغرافية البلاد المقدسة التي لم يرها إلا سماعا أودراية ‘ ولكن ( شوق الأرواح العاشقة يحتاج دائما إلى تعبير جميل ..).
على أجنحة الأمل الممزوج بصراع العزم وقهر الطبيعة ‘ ترحل (دب سالم ) عن عرصات " أكان " وهضاب " تيرس " وودع مرتفعات كان مع " حامد " في هالاتها زمن الدراسة ( أعلاب جرك ) ‘ مجردا عزم الأنين وملبيا دعاء خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام ‘ متوسلا برسول الهدى صلى الله عليه وسلم ‘ مستطردا من شمائله الحسان دررا من ضيائه ليلة " أضحيان " ‘ مستشفيا من مسيس عضال لم يصبه داؤه إلامن اعتزال الناس والترهب في شعاب الجبال ....(ذهب بها المجلسي ) مقولة – محلية – معروفة في رمزيتها للزهد والورع ...
توفي في ءاخر يوم من ذي الحجة (1302ه ) بعد صلاة الظهر يوم الجمعة ‘ وقد تعلق بالحج والوصال بجرمه وأبقى " اللوامع بعده و" النهر" يجري تستهل سحابه ..... ألقى على غرض المديح والإبتهال ما يطبي القلب ويستبي النفوس ويسيل لعاب الأقلام .. ويفند جمود الفقيه ..... وتتميما للفائدة أوردنا نص قصيدته هذه :
أتذري عينُهُ فضَضَ الجمان
غراماً من تذَكّره المغاني
مغان بالعقيق إلى المنقّى
إلى أحد تذكرها شجاني
ومن تذكار منزلة بسلع
إلى الجمّا تعاني ما تعاني
فهل عزم يصول على التواني
وهل بعد التباعد من تداني
وهل أغدو بكور الطير رحلي
على وجناء دوسرة هجان
تَبُذُّ العيس لاحقَةً كلاها
وتطوى البيد مسنَفَةَ اللبانِ
تُرى بعد الدؤوب كأخدري
بيَمؤودٍ ارنّ على أتانَ
حداها شوق دار الفتح مثوى
إمام الرسل مأمن كل جان
ومعقل من تعاورَه الدواهي
وكاسب معدم وفكاك عان
بعيشك صف شمائله فإني
أحن إلى شمائله الحسان
يلاقي المعتفين بهم رحيما
لدى اللزبات منهَمِر البنان
يجود من العيون بمكفهر ّ
يسح على القلوب مدى الزمان
ويوليها إذا صدئت جلاء
لما فيهن من صدإ وران
ويشفى بالمسيس عضال داء
دوٍ ما للأساة به يدان
ويلقاهم بوجه أب عطوف
رؤوف في القيامة ذي حنان
ويسقيهم وقد خرجوا ظماء
بأشهى من مروقة الدنان
وكم وافى القيامة من مسىء
عميد القلب ملتاثِ اللسان
عليه من الكبائر موبقات
يضيق بها بيان ذوي البيان
تأملها فلما أن رآها
تفوت العد أيقن بالهوان
فأضحى آمنا ما كان يخشى
ونال بجاهه أقصى الأماني
بظل لواه موسى مستظل
وناهيكم بذاك علُوّ شان
يدير على العداة كؤوس صاب
كريه الطعم عند ذويه آن
فكم من موطنٍ ذرب شباه
أباد سراتهم وسبى الغواني
بذي لجَبٍ تضل البلق فيه
تظل الطير فوقهم دواني
على نهد المراكلِ شيظَميٍّ
أقبّ مُطَهم سلس العنان
وما ذو لبدتين ببطن ترجٍ
أبو شبلين مقروحُ الجنان
كصولته ولافيحُ الجوابي
تشابه ما لديه من الجفان
ولا بدر التمام إذا تبدى
يضاهي البدر ليلة أضحيان
ولا شمس الظهيرة في دجن
تحاكي وجنتيه ولا تداني
ملاحة خده لما رأتها
لدى إسرائه حور الجنان
صنعن كما صنعن نسا زليخا
لرؤية يوسف البهج الحسان
دنا في ذلك المسرأى دنُوّا ً
من الرحمان ما يدنوه دان
وذاك القرب تقريب اصطفاء
وليس عن المسافة والمكان
ملائكة الطباق السبع قامت
تبادر بالسجود وبالتهاني
وهل تثنى العبيد عليك يا من
على أخلاقه تثنى المثاني
فانت وسيلتي في كل كرب
عسى الرحمان يفرجُ ما عناني
وأنت المرتجى والمنحمني
إذا ما الموت عن كثب رماني
بجاه المصطفى أدعوك يا ذا ال
عطايا والحنان والامتنان
فجد لي بالهدى وامنن بتوب
وكفر من ذنوبي ما دهاني
وحطنا واكفنا شر الأعادي
جميعا واضربن سور الأماني
الكاتب الصحفي محمد المصطفى ولد الولي