أغشوركيت ( مقالات كتاب أبناء الولاية ) : هذه الأيام ذكرى حدث تاريخي عظيم ’ مرورألف وأربع مائة وثمانية وثلاثين على هجرته – صلى الله عليه وسلم – من مكة إلى المدينة ’ ومنذ الوقت ودول الأيام تدور وتتجدد البداية وتبلى النهاية كل سنة ’ أحداث جسام أنهكت جسم الأمة المتماسك ’ ودببت سمها الناقع في كل الصعد والأبعاد ’ الدينية والسياسية والإقتصادية ’ والبيومناخية ..... ذكريات وسحر الهواء منتقل في ثنايا مبدء التاريخ الإسلامي
وهجرة الحبيب وسيرته العطرة ’ تطوف بأكناف الحمى وهضاب الدارالآخرة التي (هي الحيوان لوكانوا يعلمون . ) في كل يوم من اثنا عشر شهرا في كتاب الله ’ يدق الإنسان باب الرحيل والفناء ’ ويتمنطق بحبال الوريد مستهترا بتعاقب الملوان على مدار 24 ساعة ومضات أجراسها تقذف فيها الآجال وترمي في فجاج الأرض ومخامرها.
دقات قلب المرء قائلة له ******* إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها ******* فالذكر للإنسان عمر ثان
تصرمت أيام سنة 1438من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم , وغربت شمسها واضمحل كوكب البسيطة في غمام ’ والعارفون بنقص العلم ولقي الشح وكثرة الهرج (القتل ) قليل ماهم ’ عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( لاتقوم الساعة حتى يتقارب الزمان ’ فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم ’ ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كالضرمة بالنار .) رواه الترمذي . تمر الأيام وتمضي الشهور وتجر الأماني تمنياتها تقول " تلك أيامي التي سعدت بها برهة من الدهر ’ لم أشعر فيها بتصدع الأفئدة الكليمة ’ ولابحرارة عجز الفقراء عن موائد الأغنياء .... إن المعاناة المنبعثة من نفق الأسير تصبح نورا لدى إدراك قيمة الفرج . قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : ( لالباس أجمل من العافية ’ ولاكنز أجمل من القناعة ). إن العيون لها بوح ورقرقة أسمى وأنصح مماقيل أوكتبا .
إن المتأمل في زوايا الأبد يدرك بجلاء فرض الغنيمة وربحية التسويق حيث :( شهر رمضان – ليلة القدر – عشر ذي الحجة – يوم عاشوراء .....) قال بعض السلف " حقوق في الأوقات يمكن قضاؤها ’ وحقوق الأوقات لايمكن قضاؤها " .. الوقت أسهل ماعنيت بحفظه وأراه أسهل ماعليك يضيع . في كل صفحة من العام يخلد المرء إلى البقاء ويدفعه الفضول إلى مرافئ النشوة والنصب من أجل كأس المنون – غفرالله له ! ’ الزمن كله أيام معدودات تشيب وتبتسم في وجه العابد المتكالب ’ وتخجل في جبين أسير البلاغة النبوية القائلة بعد أخذها بمنكب بن عمر رضي الله عنهما :( كن في الدنيا كأنك غريب أوعابر سبيل ) .
إن الكون أصقل من مرآة الحسناء لايشوبه كدر الأدران ولكن الخطر يكمن في غياهب المستور ! حياة فطرية بعسجد - ليبلوكم أيكم أحسن عملا ... وخاتمة بأباريق الطبيعة الرحيمة والإندافع في ملكوت ( وهو العزيز الغفور ) . أحرف الصراط ثنائية ( الحق – الباطل ) ومعالمه بيضاء مختفية المعاني وحالكة الظل في ءان لاتتساقط فيه الأشجار ببط ء المستقيل ’ يقول صلى الله عليه وسلم : ( مالي وللدنيا ’ إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركها ) . إنقضت أيام السنة هذه وذكر الذاهبين من العلماء والشعراء والمصلحين والعباد والزهاد ..... الذين كانوا معنا في العام واليوم أصبحنا نسمع عنهم ونقرء لهم في سجال الحياة وبين دفاتر الأسفار ’ رموز أمة ورجال دولة بحثوا عن دولة النبوة قائمة في ريعان قوتها ’ وتلمسوا رياض الجنان في مدارج السالكين :( إن الله لايقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور العباد ’ ولكن يقبض العلم بقبض العلماء .) .... إنها أيام دارت فيها رحى العواصف والنكبات بالأمة الإسلامية على وقع التهافت والإنشطار لدى عالم متأزم . إذ لاسبيل إلى السعادة في الحياة بعد القرون المزكاة ’ إذ لوكانت هناك سعادة لما لقي من سبحت له الحصى وانشق القمر ’ ومشى له الشجر ولين الحجر .... ما لقي صلى الله عليه وسلم في هجرته من العناء والمشقة في سبيل القفز بالسفينة إلى بر الأمن والأمان في محافر المحجة البيضاء’ ليلها كنهارها لايزيغ عنها إلاهالك . تلك جرعة طفيفة من دروس الماضي وعبر المستقبل التي تستدي الإعتبار وتجديد العهد مع الله سبحانه وتعالى . يفتح المؤمن من خلالها نافذة التوبة والإنابة التي جنت عليها ذنوب السنة الماضية ’ وربما تبوء بها سنتنا الحالية 1439 هجرية .
مرت سنين بالوصال وبالهنا******** فكأنها من قصرها أيام
ثم أنشئت أيام هجر بعدها******* فكأنها من طولها أعوام
ثم انقضت تلك السنون وأهلها********* فكأنها وكأنهم أحلام .
اللهم ماعملنا من عمل في السنة الماضية كنت نهيتنا عنه ولم ترضه منا , ولم تنسه وحلمت علينا مع قدرتك على عقوبتنا ‘ فنستغفرك منه فاغفر لنا ياأرحم الراحمين . واجعل هذه السنة سنة خير وفتح ونصر لعبادك المسلمين ’ إنك ولي ذالك والقادر عليه .