أغشوركيت ( النافذة الثقافية ) : هذه الصورة تضم من اليمين: كاتب السطور و صديقنا الشريف سيدي محمد ولد الديدي مفتش شباب بأطار و صديقنا الأستاذ و القاضي فيما بعد امبارك ولد الكوري في صالون منزل الداه فال (بلوك مانيفل)تحت لوحة الطفل الباكي شتاء 1979ملتقطة بمصورة بولارويد التي تحمض الصورة في لحظة، و"رُبما" تكون الأولى التي دخلت نواكشوط حينذاك.
ويستأهل المقام الحديث عن صاحب البيت ..
سيدأحمد فال الملقب الداه فال شخصية ملونة بقزحيات فريدة في مجتمع نواكشوط الشبابي مهب ريح الثمانينيات (1975/1980) .
كان رجلا بالغ الاناقة مسكنا و ملبسا و ذوقا فنيا ، ينتمى إلى نوعية من الموريتانيين في طور الانقراض يؤمن بالدولة المعبودة المرهوبة و بقوانينها و رموزها و تراتبية وظائفها الهرمية الصارمة .
ترعرع على الوقوف كالسارية يباسا و دقة عندما يرفع العلم الذي عرفه سنغاليا بحكم ميلاده و دراسته في دكار من حيث تخرج سكرتير إدارة ، قبل أن يلتحق ببلاد أصله ..
لغته الأولى و الأخيرة الفرنسية ولهجته الأم "وخ وولوف" و الحسانية التي يتبلها ببعض البهارات المكتسبة من بلاد العم "آلبوري انجاي"...يتقن بمهارة و إخلاص كتابة الاختزال التي لاتترك شاردة ولا واردة مهما دقت في محاضر الاجتماعات و لو كثر المتدخلون و تنوعت آراؤهم بأمانة ودقة تنافس التسجيل الصوتي ، مما هيأ له أن يوظف باكرا أمينا لمكتب المرحوم صال عبد العزيزالشخصية الثانية في حزب الدولة (حزب الشعب) ثم مديرا لديوان الاستاذ عبدالله بن بيه عضو المكتب السياسي للحزب وزير الدولة للتوجيه الوطني (منظر الحزب )..وانتهى به المطاف الوظيفي مسؤولا عن مكتبة جامعة نواكشوط بعد قيامها...
كان لطيفا ودودا محبا للفنون الجميلة يقتني في بيته أول قيثارة طوعها المرحوم الشيخ ولد آبه لمقامات الهول، و لوحات عديدة لرسامين ما كنا نعرفهم ولا نفهم مدلولات أعمالهم..
جعل من بيته ناديا للشباب و تزعم شلة سميناها "بيداس Les Bidasses "و تعني "المجندين" ضمت شعراء شبابا و فنانين و فنانات من نفس السن ..دأبت على انعاش السهرات الفنية و الأدبية و أنبتت مواهب أصبح لها فيما بعد ذكر كبير..
ذكره الله بالخير ، و بقية المجندين ، و قد أدركهم المشيب ،و تجاوز عنهم...
الدكتور : ناجي محمد الإمام