أغشوركيت ( مقالات كتاب البلدية ) : بداية فلتعذرني يابن خلدون علي المقارنة، ولتعذرني يازمن إن صح التعبير على وقاحتي، ولتعذرني ايها القارئ علي تطفلي، ولكنه غيظ أثقل كاهلي فأحتاج لأفرغ منه خلجات نفسي. بعد أن بكت و تباكت المرأة الموريتانية لعقود على وضعها المزري والبهم من كل النواحي، فتحت لها الدنيا ذراعيها مرحبة، فلم تعرف ما العمل فبدأت تتخبط في عقر مرارة الواقع الذكوري البحت، والسباحة في محيط التقاليد و العادات المحافظة التي تختفي تحت ابتسامات تشجيعية واهية،لتقذفها أمواجه علي شاطئ الحيرة، فوقفت حائرة لا تعرف ماذا تفعل بالباب المفتوح أمامها، و الذراع المرحبة تارة، و الباطشة تارة أخرى بالتحرش والتلاعب بالمشاعر.
لها الحق إذاً في هذه الحيرة التي تُنْتقد عليها...
بداية المرأة وجدت نفسها على مقاعد الدراسة تلبية لسوق الزواج، لأن الرجل بات يريد أن يتباهى بثقافة زوجته بالإضافة إلى جمالها.وً لتحَمّل بعض أعباء المنزل و تساعده في الدخل، فالحكومات لا تكفّ عن صفع المواطن الغلبان على وجهه فتثقب جيبه، و كلما أراد أن يعترض أتته صفعة أخرى دشنت ثقباً آخر. عندما فتحت المرأة عينيها وجدت أمها تحثها على الخروج من الجامعة و في يدها رجل يزفها في حياته، لكن دون أن تخالط الرجال و تعبث "بشرف" العائلة ! لا أدري كيف من الممكن أن يحدث ذلك منطقياً. وقد يعيب البعض علي هذه المعلومة والنظرة التشاؤمية.
لكن المرأة التي أقنعوها منذ نعومة أظافرها أن البيت و السلام لها، و المعترك الخارجي للرجل لأن راحتها "تهمهم جدا" أقنعوها أن التاريخ لا يسجل في سطوره إلا الرجال،!!
من هنا وجدت المرة نفسها تائهة، فأكاديمياً يحثها الجميع على التقدم في تحصيلها العلمي لأن نسبة النساء مرتفعة ولابدّ من التميز، ثم تتهم بأنها اكتسحت سوق العمل و كانت سببا في بطالة الرجال!!
أما في محيط العائلة تطاردها عيون الأقارب، في إيجاد عريس الغفلة وربطه من عنقه وجره إليها جراً، فتعيش حائرة و متخبطة دون وعي. كعادة الإنسان الذي تفرض عليه سيكولوجيته عدم النقد و الإكتفاء بالتلقين، لا تفكر المرأة و تبقى عاجزة عن التفكير لأن التكفير هو مصيرها في نهاية المطاف.
وبالعودة إلى مؤخرة الزمن، _ وأقصد بها التفكير الرجعي لدي المرأة_ نجد أن بنات "زماننا المهمش" تتهافتن علي الاهتمام باجسادهن ومستلزماتها، كالفراشات علي النور للحصول على قلوب الرجال (.....) ، و التبرج على النحو الذي يظهر وجوههن متألقات، فتجد أنهن قد أنفقن ما يعادل الملايين على مستحضرات التجميل سنوياً و لا يكتفين، بينما يعجزن عن شراء مقدمة ابن خلدون بـ5 آلاف اوقية يبقى إلى الأبد !!
إن المرأة الموريتانية حسب وجهة نظري حاليا، تتخبط في مؤخرة الزمن حائرة، و تتدحرج ضائعةً بين سؤالين: لا تجد الجرأة في طرحهما، الأول هو "هل أهتم بجمالي؟" و الثاني "هل أهتم بثقافتي؟". السؤال الأول في منتهى الذكاء، و السؤال الثاني في منتهى الغباء. و السبب واضح جداً .
إن الإهتمام بالثقافة يزيد من جوهر الأنثى كما يزيدها بهاءً، ويجعلها ذات شأن وصيت، وليس متعارضا مع الاهتمام بنفسها، فجمالها الخارجي من السهل أن تعتني به، بدون أن تقضي ست ساعات متواصلة في صالون ، فتنافس بجمالها كيم كاردشيان، بينما كتلة الصدأ التي يحملنها أغلبهم فوق الأعناق المترنحة لا تتفتح في يوم و ليلة. فعدم الجرأة على طرح هذين السؤالين أدى إلى أن تتفلت الأمور من بين يدي الحسناوات، فلا هي اهتمت بصورتها و لا عملت على بلورة مضمونها و بقيت على التلفاز طول اليوم تبكي في حضرة المسلسلات التركية، علي مشهد رومانسي لو رجعت لكواليسه لعرفت الحقيقة، و تتراقص على نغمات بوليوود، والاعجب عندي من ذالك انا تبكي وكأنها هي بطلة الفيلم!!!
إن جمال الانثي اولوية وعقلها أيضاً، فالعلاقة بينهما علاقة تكامل كل يغطي علي عيوب صاحبه، احيانا، و لكن أن تكتفي بجمالها و تأخذ في تجميل نفسها وقتاً على حساب عقلها، فهذه كارثة عظيمة بأثر سلبي عميق. إن تياراً وقوراً يمر الآن على كثير من المبدعات الشابات، ولكن جمالهن التعبيري و الأدبي لا يتعدى قصص الحب المبتذلة معروفة البداية و معلوكة الحبكة و النهاية، تثير في النفس ضيقاً و حسرة هذه الأقلام التي تنزف هباءً. أين اللواتي يكتبن عن تاريخ، المقاومة، الأرض، العرق، السياسة و الأديلوجيات. لماذا تحصر المبدعة في الأدب شعراً كان أو قصة، نفسها في جغرافيا الجسد و المشاعر التي تعاد و لا تنتهي على التلفاز و في المجلات.
فإنه من السهل تعرية الجسد و تجريده من الملابس و الخروج إلى الشارع، و لكن من الصعب تجريد و تعرية العقل من الغبار و السخام الذي علق و تكاثر عليه. أأسف لهذا الواقع المشين، ولكن لا أأسف لواقعكن بقدر ما أأسف لواقع الرجل..... وللقصة بقية كما يقولون .
الناجي ولد محمدا