أغشوركيت ( النافذة الثقافية والأدبية ) : في ذكرى انعقاد مؤتمر ألاك التأسيسي الذي يصادف 2 مايو من كل سنة ، تحكي النافذة الأدبية والثقافية لموقع أغشوركيت انفو لقرائها الكرام إحدى طرائف قصص وأدب المجتمع " البيضاني " التي تسجلها الذاكرة المجتمعية ضمن أرشيف الثقافة " التقليدية " الخالدة ، بصفتها الأداة الأنسب لحفظ تاريخ لم يبرز في زمن التدوين ولم يتنسى له البقاء في دواوين كتب الثراث محفوظ الحقوق ومتاح الكتابة والنشر .. من تلك القصص الأدبية والثقافية والتاريخية النادرة مايروى أن بعض شيوخ القبائل ووجهاء وأعيان الدولة " الموريتانية " الوليدة اجتمعوا لاعتماد رئيس توافقي للبلاد على هامش انعقاد مؤتمر ألاگ سنة 1958 ، وكان من بين ذلك الجمع الشاعر والأديب الكبير الملك "همام " وبينما الناس في نقاش حول الموضوع إذا بالأديب " همام " يقاطعهم قائلا : " أنا لدي طلعة أريد أن أقولها . فقال :
عندي عن ذ من عرب الشان * وأهل الشان وطلبت حسان
وأكطاطي لكور والبيظان * وأهل العزم إل حصرت كور
يحصل منهم رأي المكان * ماه من سوء التدبور
حك أنو رد أبلا سولان * وأخروج قصدي بيه اندور
لكابر فالمجلس لعيان * تسمع ذالرأي أعلي بشور
ماه محذور اصلا يشيان * وأسوفيه إعود المحذور
كلتن الرأي الينفع كان * ومان وينفع فا الشرور
والمعن من خيمت عدنان * مزال الخلق أكبيل أطيور
ينفعهم فا الشر ولمان * با الرأي ال ماه محكور .
انتظر الجمع بكل شوق الأديب همام أن يتخلص إلى المقصود بنصه الشعري الذي استحنه الكل وأصبح كل يتمنى أن يكون المقصود وأ ن يذكر اسمه ، فأردف همام قائلا :
عبدالرحمن أقليظ الشان * ول أسويد أحمد خوف انجور
فغناي ولل ش يشيان * كولان يعكب عكس أغرور
والو لمر ال عبدالرحمن * ول أسويدأحمد فل دور
أخليفة بكار أفميدان * العزم أل يفتك لمور
وأباش أتم الحزب أكران * مستقام الحزب وتوجور
وأباش إكل البهتان. * عند القاضي وأشهود الزور
وأباش أتم أشعار أزوان * لاجلبت نحي ولل شور
ولل بيت أكحل برم اوزان * تجبر فيه جلب المديور
والو لمر ال عبد الرحمن * ول أسويدأحمد فلي دور
لكبير النزيه السلطان * لمغني والماه محكور
العربي لمهدن فوان * التهدان الماه مدفور
ماكط أخزر راجل غضبان * ماجاو أعروك القلب أطيور
يعكب بالركة فالبلدان * طول الدهر ويعكب مشفور
بالميت والحبس ولعران * والشين والشمت ولغرور
والبط أبلعمد والعودان * والجدري لحمر والجنكور
والكوب ولكمل والصبان * والعرية والنسخ المصرور
فالحمة والظر وحمان ** الجوف وكلت ش مجبور
والخلعة من عبدالرحمن * لاحك فيه الخوف أخنجور .
طرفة الدان ( عبدالرحمن ولد اسويد احمد ) أثناء فعاليات مؤتمر ألاك ، أثار بعض الحضور قضية انفصال الشعب الموريتاني عن وطنه الأم وتبعيته للمغرب أو السينغال أو مالي ، فما كان من الأمير عبد الرحمن ولد بكار ولد اسويد " الدان " إلا أن تدخل بمقولته المعروفة التي حسم بها أمر التبعية من غيرها وهي قوله : " أح موريتان الا اتعود دولة مستقلة ولاهي تابعة الحد والل تكانت بعد لاهي اتعود دولة " .
* ولد عبد الرحمن ولد بكار علي الحدود بين ولايتي تكانت و آدرار حوالي سنة 1300 هــ/ 1882 م من أبيه بكار ولد اسويد أحمد بن محمد بن امحمد شين بن بكار بن أعمر بن محمد بن خونا , و من أمه : اتليله بنت جابله جارية أبيه بكار , و ظل عبد الرحمن تحت رعاية أمه حتى بلغ الثامنة من عمره حيث أخذه أبوه ليتربى مع أسن إخوته و هو عثمان بن بكار الذي تربى معه و درس عنده القرآن و علمه الفروسية و الرماية كما هي عادة “العرب” , و قد كان عبد الرحمن يثق في نفسه صارما في رأيه متوا ضعا في حياته و سلوكه يرعى الغنم و يحتطب لجيرانه , يتقدم المزارعين و في يده المحراث , لكنه على الرغم من كل هذه الأمور المتواضعة استطاع أن يتكيف مع إخوته الذين يــُقال إنهم يزيدون على الستين و كلهم من أمهات “نبيلات”.
لقد كان عبد الرحمن من أهم أبناء المنطقة عامة –و أبناء تكانت بصفة خاصة-حيث استطاع أن يفرض وجوده بفروسيته و شجاعته المبكّرة أثناء مقاومة والده للفرنسيين , حيث شارك معه في معركة باركيول سنة 1903 م التي تعتبر من الأيام العسيرة على المقاومة , و أظهر فيها شجاعة فائقة رغم إصابته بجروح كثيرة حيث تمكن من قتل عدة جنود من العدو و مصادرة أسلحتهم التي كانت المقاومة في حاجة ماسة إليها , هذا بالإضافة إلى مشاركة في المعارك الأخرى التي أثبت فيها قدرته و براعته في الحرب , كما شارك في معركة “كمبل” التي قتل فيها جنديين من جنود الاحتلال الفرنسي و استولى على الأمتعة التي كانا يحرسانها , و من المعروف أن عبد الرحمن الذي تحالف مع الفرنسيين و أخذ الإمارة من أخيه الحسين كــوّن سنة 1935 م تنظيما إداريا و عسكريا على النحو التالي :
-إبراهيم بن عبد الرحمن بن الأمير الأكبر : رئيس القبيلة الأميرية (إيدوعيش)
-عثمان بن عبد الرحمن الابن الثاني : القائد العام للجيش الأميري
-أحمد محمود بن عبد الرحمن : الإبن الثالث :مدير الديوان الأميري
-محمد بن عبد الرحمن الابن الرابع: معلم مدرسة الإمارة و مسؤولها الثقافي
-محمد بن الحضرامي :ابن عم الأمير و صهره : ممثل الأمير في لومي و داكار .
و كان لكل ممثل من الإمارة رواتب شهرية يتقاضاها من قبل الإدارة الفرنسية تقديرا منها لسياسة الأمير و دعما لرسوخ الإمارة التي كانت تخدم مصلحتها في نفس الفترة. و يعتبر هذا التنظيم حديث العهد بالنسبة للإمارة حيث سهّل للشؤون الأميرية محاولات التخصص مع ملاحظة هامة و هي أن عبد الرحمن كان يعمد إلى مشاركة أبنائه في السلطة ليتعودوا عليها كما كانت له علاقات وثيقة ببعض رؤساء “أبكاك”
الأستاذ الباحث : محمد المصطفى الولي