المُفْتي : "مركز تكوين العلماء" صرح علمىٌّ كبير، ومعلم دينىٌّ شهير | أغشوركيت

المُفْتي : "مركز تكوين العلماء" صرح علمىٌّ كبير، ومعلم دينىٌّ شهير

خميس, 27/09/2018 - 14:21

أغشوركيت ( الأخبار الوطنية ) : قال فضيلة الشيخ  إبراهيم بن يوسف بن الشيخ سيديا "المفتي" إن مركز تكوين العلماء فى موريتانيا صرح علمىّ كبير، ومعلم دينىّ شهير، يدرّس فيه جماعةٌ من أهل العلم والفضل المقرراتِ المحضريةَ المعتمَدة فى هذه البلاد، بإشراف العلامة الشيخ محمد الحسن بن الددو ـ حفظه الله ورعاه.

وأضاف المفتي :

وبالرغم من أننى لم أزر المركز من قبل، ولا دُعيت إليه يوما من الدهر، فإنى لم أسمع قبل أمسِ أنه مؤسسة سياسية، أو أنه يبث السموم، أو يحرّض على القتل، أو يدعو إلى ما يسمى بالتطرف والغلوّ والإرهاب. وإنما كنت على علم بأنه محضرة شنقيطية جامعة، لا فرق بينها وبين كبريات المحاضر إلا التنظيم، وإحكام الشؤون الإدارية، والأخذ بوسائل العصر المتاحة، تسهيلا لنشر العلم، وتيسيرا لسيرورة العمل على أحسن وتيرة. 
ومما يُدحض تلك الفرية أنه لم يصدر عنه، منذُ أنشئ، ما يُخِلّ بالأمن العامّ ـ فيما أعلم. 
والعجيب أنه لم تُثَر تهَمة ضد هذا المركز، قبل إحراز حزب  "تواصل" بعض الصدارة فى اللعبة السياسية الأخيرة.
فلو كان من أهداف مركز تكوين العلماء الحثّ على الغلوّ والتطرف، أو ممارسة غسيل الأموال، أو السعى إلى زعزعة الأمن ـ كما يهرف بذلك اليوم ثلة من المرجفين والأفاكين ـ  لانكشف ذلك من أول يوم، ولمَا توانت السلطات فى ملاحقته، والتضييق عليه، وإغلاقه، وسَجن القائمين عليه منذ اللحظة الأولى.
كيف وقد مر عليه اليوم عشرُ سنين، وهو يعمل داخل العاصمة، يستقبل الطلاب، ويدرّسهم، ويُؤْويهم، ويقيم الدورات والمحاضرات، ويدفع الرواتب والمِنَح، ولم تقدّم ضده دعوى من تلك البابة، فى يوم من الأيام؟!
 فتبين  أن تلك التهم مفتعَلة باطلة، وأنها من حُلِىّ الحق عاطلة. 
ومن المستحيل أن تفوت أنشطةُ المركز ـ لو كانت موضعَ ريبة ـ عيونَ الأجهزة المختصة طَوال هذه المدة،  ومن غير الوارد أيضا تواطؤُ جميع أفراد تلك الأجهزة والجهات وعناصرِها وقادتها مع مؤسسة تريد إيقاعَ الشرّ والبلوى بأهل بلدها. 
إن رئيس المركز عالم جليل، غزير المحفوظ، ذائع الصيت، كريم الأخلاق، معروف فى جل البلاد الإسلامية بدروسه ومحاضراته، وعلاقاته الواسعة. 
وليس من الحكمة، ولا من المكافأة أن يُغلق مركزه، أو يضيَّق عليه. وإنما اللازم تكريمه، وفتح مركزه العلمىّ على مصراعيه، ومساعدتُه على العلاج، وتشجيعه على تقديم المزيد من البذل والعطاء. فإغلاق المركز زلة عظيمة، وخطيئة جسيمة.
وكيف يُغلق، وتترك محلات السوء مفتّحةَ الأبواب، من مصارفَ رِبوية، وصيدليات تستورد الأدوية المغشوشة، ومتاجرَ تبيع المواد الغذائية التى انتهت صلاحيتها منذ أمد بعيد، ومن دور للدعارة، ومراقصَ ليلية، وأوكار للمخدِّرات والخمر والميسر، وأخرى للسحر والكهانة...؟!!
فهذه كانت أولى بالملاحقة والتضييق، وبالمحاصرة والتغليق، فهى مركز الجريمة والإرهاب، ومكمن الداء والخراب.
ومما كنت أعُدّه من إيجابيات الرئيس محمد ولد عبد العزيز أنه لم ينتهج مسلك  التضييق على الدعوة والدعاة، كما فعل مِن قبله آخرون.
فنصيحتى له أن لا ينحرف عن ذلك النهج، وأن يضرب عُرض الحائط بكلام المنافقين والمصفقين، فإنهم لا يريدون له الخير، وإنما يريدون مَلء بطونهم وجيوبهم. لذلك تراهم ينعِقون مع كل ناعق، ويرقصون لكل مارق، يؤيدون كل نظام، ويجمعون الحطام، إذ لا دين لهم يحجُزهم عن الكذب والاختلاق، ولا مروءة لهم تكفُّهم عن التزلف والارتزاق. 
ولا شك أن الرئيس قد بلا أخبارهم، وعلم حالهم، ورأى كيف قلَبوا ظهر المِجَن لمن كانوا قبله من الرؤساء والزعماء.
ولو تغير نظامه لدبّجوا فى هجْوه الخُطب والقصائد، ولطبّلوا وزمّروا لخليفته "الراشد"، وساقوا إليه الهدْى والقلائد. 
فكيف يصدَّق مقالُهم، أو يُصغَى لمن هذه حالُهم؟
لقد قلت قبل أسبوعين للرئيس السابق محمد خونا ولد هيدالة، ونحن متوجهان إلى المسجد: إن التاريخ يحفظ لك ما أقمت من شرع الله وحدوده. 
وقد نصح بعض المقربين الرئيس سيدى ولد الشيخ عبد الله بالابتعاد عن محاربة الإسلاميين، وبالسماح لهم بفتح المؤسسات والمراكز والمعاهد والجمعيات. 
ذلك بأن تكميم الأفواه، والتضييق على الناس فى حرياتهم وآرائهم، وأفكارهم ـ ولا سيما ما يتعلق منها بالعقائد والمبادئ ـ من أعظم أسباب الفتن والثورات الجارفة، والفوضى التى لا تُبقِى ولا تذر. ونحن فى بلد هشّ، تتجاذبه الأهواء والنِّحَل والدعوات الهدامة، ويصرِّح فيه بعض المجرمين بالإلحاد، وضرورة تغيير أحكام الشريعة، ويطالب فيه الجهلة والسفهاء بسَجن العلماء وقتلهم. وليس من مصلحة أىّ منا إيقاد جذوة الفتن، وإحداثُ البلابل والمِحَن، ولْنحمدِ الله على ما جنَّبَنا منها منذ نشأة الدولة الحديثة إلى الآن.
وقد أفلح بعض القادة المعاصرين، فى هذا العالم القُلّب، فى تجنيب بلادهم ويلاتِ الحروب الطائفية، وكوارثَ الصدامات المسلحة، بحُنكتهم السياسية، واستيعابِهم للمرحلة، كما أفلح شبابنا الإسلامىّ، من جميع الأطياف، فى رفض استجلاب الربيع العربىّ، واستنساخه ببلدنا حفاظا منهم على ديننا، ووحدة شعبنا، ومصالح بلدنا.
وكذلك ينبغى أن نكون، وإن اختلفنا فى المسالك والتصورات. فالعاقل من اتعظ بغيْره، واستفاد من دروس الدهر وعِبَره. 
  ولا حول ولا قوة إلا بالله العلىّ العظيم.