للإصلاح كلمة : تعرف بتواصل من لا يعرف تواصل | أغشوركيت

للإصلاح كلمة : تعرف بتواصل من لا يعرف تواصل

أربعاء, 27/03/2019 - 00:15
الأستاذ محمدو بن البار

أغشوركيت ( مقالات ) : كلمة الإصلاح نتيجة لهذه التحركات السياسية التي أصبح تواصل جزاءا منها ـ فإني أود أن أعرف الموريتانيين بالحزب الوطني للإصلاح والتنمية المسمى (تواصل ) لمن لا يعرفه .

فمن المعلوم أن الإنسان المسلم مطلوب منه أن يقوم بعد بلوغه سن التكليف بفعل وتصحيح علاقتين مع ربه الأولى بين كل فرد وربه والثانية بين الناس والناس سواء بين فرد والناس أو بين جماعة وجماعة طبقا لتعاليم الإسلام .

فالأولى تسمى العبادات وقد جاء حديث جبريل بأصلها وفسر النبي صلى الله عليه وسلم أنها الدين بين الإنسان وريه وفسر الفقهاء ما تفرع عنها سواء بالآي القرآني أو الحديث الصحيح .

والثانية هو ما جاء في الإسلام مفصلا في العلاقة بين الناس والناس وهو كل شيء يصدر من الإنسان تجاه الإنسان قولا أو فعلا ويسمى السياسة وأؤكد هنا أن لا فرق بيت العبادات والسياسة إلا الفرق المفهوم من لفظ الأكل والشرب أو الإيمان والإسلام إذا ذكر واحد منهما دون الآخر فكل شيء يكتب على المرأ وسوف يسأل عن حسنه فيجازى عليه وعن قبحه فيعاقب  عليه ، فهذا هو الدين الكامل الوارد فيه قوله تعالى(( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير).

ومن هنا أقول إن هذين النوعين أولهما كان تواصل منذ نشأته ومعرفة بعضهم لبعض يقوم به أفراده أحسن قيام دون مراآة ولا تكلف بل يظهر أنه يشبه الجبلة بتوفيق من الله .

وهنا يطرح هذا السؤال عادة وهو: هل سافرت معه ؟ لأقول نعم سافرت معهم بالفعل وجلست معهم عارفا ولله الحمد بما للإنسان وما عليه تجاه معاملته مع ربه في هذه الدنيا التي خلقها الله مجرد جسر إجباري المرور فوقه لينزل منه الشخص إما إلى الجنة وإما إلى النار يقول تعالى ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذروا الظالمين فيها جثيا ).

وبناء على هذه الحقيقة التي اجتمع عليها تواصل تبعا لأصلهم ولا يقف هذا الأصل عند الإخوان المسلمين في مصر كما يحلوا لمن لا يخشى الله ويراقبه في الدنيا ـ أن ينسبهم بدون أي علاقة ولكن يقف عند تسمية إبراهيم عليه السلام لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم فحوى كلمة المسلمين يقول تعالى( يأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم) هذه هي العبادات (وافعلوا الخير) وتلك هي السياسة (لعلكم تفلحون ) وهذه هي النتيجة .

وبناء على وضوح هذا الأمر فإني أدعوا كل من يريد أن يرى تواصل وهي تؤدي النوع الأول من شطري الدين وهو العبادات فليحضر إلى مقراتها أثناء اجتماعاتها في المواسم العملية فسوف لا يرى كما قلت في كلمة سابقة ـ لحية محلوقة ـ ولا سجارة محروقة ، بل يظن هذا الداخل أن هذا الاجتماع لا يكون إلا للخير لأنه سوف يرى بإذن الله وجوها ترجو أن تكون في الآخرة ناضرة إلى ربها ناظرة وفي الدنيا والآخرة مسفرة ضاحكة مستبشرة وعندئذ لابد أن يتذكر المسلم بمزاوجة القرآن في ذكر عباده المؤمنين ذكورا وإناثا شبابا وشيوخا في قوله تعالى في آية واحدة ((إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات))الخ الآية وذكر هذه المزاوجة المتماثلة أيضا في آيات متفرقة يقول تعالى( التائبون العابدون الحامدون السائحون ) ويقول أيضا( تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا) .

وهذا ولله الحمد لكل الأجناس واللغات والأعمار المختلفة فالهيئات الموازية كما يسمها تواصل وهي هيئة الشباب وهيئة النساء ترى فيها كل هذه الاستقامة الطبيعية غير المتكلفة بفضل الله .

فأي مفتش حضر لا يحمل إلا قلبا سليما ويبحث عن الحقيقة والحقيقة فقط ، " لكن ما أصعب ذلك وما أقساه على نفس الإنسان " فسوف يرى هذا الوصف وصفا كاشفا بتواصل وهيئاته .

وهنا سوف يرى القارئ أني لم أهتم في هذه الكتابة بذكر منشأ الحزب وما لاقى أفراده من المضايقة والتشريد من طرف الدولة ، لأن المفعول لأجل الله لا يحتاج للذكر فهو مسجل عند من يعلم ما في الصدور وهو وحده المجازي عليه إن خيرا فخيرا وإن شرا فشر .

أما النوع الآخر من النشاط وهو ما بين الناس والناس فأقول إن تواصل بعد سنته الأولى مع الحكومة المدنية لم يوفقه الله في إتباع أوامره في هذا النوع من السلوك .

أما السبب الذي سنذكره فنرجو من الله أن يكون باجتهاد مثاب عليه ولو بأجر واحد لحسن نية صاحبه.

فتواصل بعد سنته الأولى ورجوع العسكر ذهب إلى غير مكانه الموصوف في الإسلام وهو الحرية في التصرف والنشاط طبقا لتعاليم الإسلام في القول والفعل فقد ذهب أولا إلى المنسقية وثانيا إلى المنتدى ورمى نفسه في المعارضة حتى أصبح غير تواصل حقيقة .

أما السبب فهو أن تواصل أعطاها الله رئيسا هو المؤسس  وحباه ربه بخصال أظن أنها لا تجتمع في غيره من موريتانيا وهو أولا حسن علاقته مع ربه (ولا أزكي على الله أحدا) في جميع ما بينه وبين الله ومع هذه الاستقامة التي أدامها الله عليه وأعانه عليها مع طول العمر وحسن الخاتمة .

أعطاه الله خلقا يتعامل مع الناس بها لا تري فيه عوجا ولا أمتا ـ فالبشاشة الطبيعية وطلاقة الوجه وحسن التلقي والعطاء غير المتكلف هذه السجايا يمكن الشهادة عليها بلا خوف من عقاب ذلك .

أما من جهة المعرفة فأعطاه الله عقلا وفهما بذل بهما ما في وسعه لمعرفة الإسلام كما هو إلا أنه يمكن أن يوصف هذا العقل والفهم بأن استحوذ عليهما الاعجاب عبادة بمادة في الأصول الإسلامي يقال لها مقاصد الشرع حتى كادت علاقته بهذه المادة واستعماله لها أن يستغني بها عن النصوص الأصلية للشرع .

ونظرا لهذا الفكر الفلسفي الاجتهادي الذي ارجوا من الله أن يجازيه عليه لبذله الوسع في طلب الأصلح للإنسان المسلم اجتهد هذا الرئيس أن الانضمام للمعارضة هي الأصلح لتواصل وذهب فعلا بتواصل  إلى المعارضة وعندئذ إنا لله وإنا إله راجعون  .

وبهذا الفهم وبهذا العلم والعقل والاجتهاد طبقا لمقاصد الشرع كما اعتقد هو فذهب مبكرا بتواصل إلى المعارضة واجهض بذلك الاجتهاد سلوك الطريق المستقيم التي أمر الله به أمرا واضحا في قوله تعالـى (( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا )) .

فإذا كان المسلم أصبحت أراؤه ومعاملته في غير يده ومتفرقة في اجتهادات وآراء من لا يتفق معهم في إتباع كل ما يأمره به الإسلام ، أحب أم كره فأين تكون الاستقامة كما أمر الله .

فلو ثبت تواصل على طريقه الإسلامية في السنة الأولى يوافق ساعة الحق ويوضح ذلك شرعا ويمتنع ساعة الباطل ويوضح ذلك شرعا ولا تصدر كلمة واحدة من أحد منتسبيه إلا بهذا الميزان فلاشك أنه سيربك الدولة التي تدعى الوقوف عند الإسلام ولا يتركها تتحلل بالوقوف أمام شريك لا تعتقد في عمله إلا الخطأ .

فضاع على تواصل كل هذه السنين من التمدد طولا وعرضا داخل تنفيذ الطريق المستقيم الذي حث عليه الإسلام في كل ركعة يصليها المسلم ـ ولا شك أن الدخول في المعارضة المتنوعة ـ لا يساعد على سلوك هذه الطريق .

وهنا سؤال يطرح نفسه وهو بما أن تواصل حزب مؤسسات تشريعية مستقلة فلماذا ترك هذا الخطأ الواضح يقع ؟ فالجواب : أنه لاشك أن في لجنة التنفيذ لتواصل كوكبة من الرجال العارفين الأذكياء إلا  أن ذلك الرئيس كما قلت سابقا قد حباه الله من عطائه الواسع بعقل وفكر ولسان سليم القول ومحكمه يستطيع أن يبين به غير البائن ويوضح به غير الواضح وبعد مخاطبته لغيره لو أناخه على صخر لأستناخ : فلم يصدر أي شيء مبدئيا إلا عن تلك المؤسسات ولكن لا يصدر نهائيا إلا بتوقيع بصمات الرئيس  المتنوعة بما يمكن أن نسميه القهر الفكري الحلال .

فذلك الرئيس السابق حفظه الله من كل مكروه لم يكلفه هذا القهر الفكر الحلال أي شيء إلا أنه بذهابه بتواصل إلى المعارضة كان أكبر خطأ يقع فيه تواصل الإسلامي ، فتواصل قبل المعارضة كان لبنا خالصا سائغا للشاربين وأما بعد هذا الدمج أصبح يقال له بالمثل الشعبي : " أزريك " ومن غرية .

بمعنى أن مثل تواصل ليست له المعارضة وبعيدا أن تكون له الموالاة ولكن مكانها حيث جعلها الله (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) .

وهنا مثال قريب وهو أن أعمال الأمة تعرض على الرسول صلى الله عليه وسلم فهل تواصل يفضل أن تعرض أعماله مع المعارضة أو مستقلا عنها ؟ .

فالمعارضة لم يذهب إليها من تواصل قلبا وقالبا إلا القيادة أو شبه القيادة ولذا كلما يوجه إليها من خيانة للمعارضة ( كما يقول أصحاب الأقلام السائبة عن مرضات الله ومراقبته في ما تحصد ألسنتها ) سببه هو دخول المعارضة .

ومن هنا أعود لتواصل في فترته الأولى الذهبية بالإدارة الحكيمة في سنته الأولى التي أدخلت الناس فيه أفواجا ومن كل لون ولغة حتى رأى فيه كل شخص صورته ( على لغة النائب سعداني) ولم يعكر على تلك المسيرة إلا أفرادا قلائل ، وهؤلاء قد التحقوا بالحزب مبكرا وربما من مؤسسيه فهم في شكله الإيماني الأول التعبدي من تواصل تماما ، ومن جهة السياسة ليسوا من شكله لأن الله جعل فيهم طبيعة تميل مع أهوائهم عند القول وما يرونه حسنا وفي نفس الوقت يحملون ثقافة تخولهم الظهور الدائم حاملين معهم تلك الطبائع الصادرة نشازا عن طريق تواصل في التوجيه الإسلامي لأن المتمسك به لا يصدر منه إلا خيرا ، ولكن بعض هؤلاء بعد رؤيتهم لأنفسهم في الحزب أرادوا التوسع في تلك الرؤية سواء كانت فكرا أو شريحة فهم يحسبون أنهم بذلك يحسنون صنعا .

أما في عهد تواصل الجديد فقد ترأسه رجل لا يتعجل في الأمور حتى يدرسها ولكن مشكلته أن طيبوبته تجعل كل واحد يطمع أن يثنيه عن ما يريد وبذلك يطمع كل امرئ في أن تلبى مطالبه التي يظن أن الرئيس أصغت إليه أذنه فيها بالإيجاب حتى يظهر بعد لأي أن الرئيس سوق ينفذ ما يظهر له هو شخصيا أنه الطريق المستقيم وبذلك اللين الذي يأتي من الرئيس قبل العزم والتوكل على الله استقال بعض أطر الحزب باجتهاد يرى أنه هو الذي فيه الخير للحزب مع أن الحزب في شكله الأول وهو علاقة الإنسان مع ربه لا تمكن الاستقالة منها وبذلك يكون الرابط بين كل من دخلت بشاشة الانخراط في الحزب في قلبه موجودة ومتمسك بتلك العلاقة وربما يراجع فكره أو عاطفته ،لأن هذا النوع وهو إتباع ما أمر الله به والنهي عن ما نهى عنه هو رأس مال المرء في هذه الحياة حتى يأتبه اليقين.

وملخص هذه الكلمة هو ما يلي :

أولا : تواصل مازال بخير ـ ولله الحمد ـ ولو بعد الاستقالات .

ثانيا : إن وجوده في المعارضة هو أكبر خطأ أداه له اجتهاد رئيسه السابق الذي يستعمل مقاصد الشريعة كثيرا في تصرفاته واعتقاداته .

ثالثا : جانب الاستقامة فيما بين أفراده وبين الله لا ملاحظة عليها ، أما جانب سياسته فجميع الملاحظات عليه فيها جاءته من جهة انضمامه للمنتدى ودخوله للمعارضة .

رابعا : اختياره للتصويت للمترشح سيد محمد ولد ببكر جاء بعد تفكير متأن واجتهاد كامل الشروط الإسلامية ومن هذه الشروط قوله تعالى(( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين )) .      

 

   

       

                         

    

الأستاذ محمدو بن البار