هل تعلمون من نحن ؟ ذ. مريم سيدي ولد أحميدة | أغشوركيت

هل تعلمون من نحن ؟ ذ. مريم سيدي ولد أحميدة

سبت, 17/10/2020 - 21:06

أغشوركيت ( مقالات ) : نحن جيل الأحياء الشعبية العشوائية ، أحياء الصفيح التي لا تتوفر فيها مقومات الحياة لا ماء ولا كهرباء ...

نحن الجيل الذي كان يمضي إلى المدرسة ذهابا وإيابا سيرا على الأقدام  (عز القيلولة) وفي أشد أوقات الحر طوال التسعة أشهر (( السنة الدراسية كاملة )) .

نحن جيل يعجز عن توفير بنزين لإشعال شمعة تضيئ عتمة ليل دامس أو قنديل ليقرأ دروسه  التي سيقف كل يوم أمام التلاميذ لحفظها .

                           
نحن جيل يحفظ المنهج كاملا لا مدرس خصوصي ولا مراجع حتى .

نحن جيل يعود إلى البيت ليطبخ ويجلي ويكنس لا عاملة في البيت ولا عامل.  

نحن جيل لا يملك سوى ثوبين أو ثلاثة يتعهدهم بالغسل بيديه  في كل نهاية عطلة أسبوع كي يستطيع أن يداوم في المدرسة بمظهر لائق .

نحن جيل يحفظ المعلقات والنصوص الأدبية ويحل المسائل الحسابية على السبورة أمام الطلبة ..

نحن جيل نهل من المحظرة قبل أن يدخل المدرسة الحديثة .

نحن جيل المجلات الحائطية والنشاط الإذاعي والمسرحي والرياضي والمسابقات والندوات  الثقافية والفكرية ....

نحن جيل افترش الأرض في جميع أقسام الدراسة الإبتدائية .

نحن جيل لم ينهار نفسياً من عصا المعلم ، ولم ينظر إلى المعلم نظرة ازدراء أو استحقار كنا ننظر إلى الأرض حين نحدثه ونخبتا حين نلتقي به في الطريق. 

نحن جيل تربى بين أسرة تستضيف كل الطلبة الوافدين من القرى و المدن الذين لا أهل لهم في المدينة رغم الإمكانيات المحدودة .

 نحن جيل الصبر والطموح ، حيث لم تتعلق قلوبنا بغير أمهاتنا ولم نعرف قط مايعرف بالمربية أو الحكامة .

نحن جيل لا تغرينا السيارات الفاخرة ولا الفلل الشاهقة ولم نتأزم عاطفياً من ظروف العائلة ولم نخجل من فقرنا .

نحن جيل لم ندخل مدارسنا بهواتفنا النقالة .. ولم نشكو من كثافة المناهج الدراسية .. ولا كثرة الواجبات المنزلية ..

نحن جيل نحمل دفاترنا بين ذراعينا لا نملك حقائب مدرسية،
نداوم  في المدرسة صباحا ومساءا رغم بعد المسافة .

نحن جيل لم يستذكر لنا أولياء أمورنا دروسنا .. ولم يكتبوا لنا واجباتنا المدرسية .. وكنا ننجح بلا دروس تقوية .. وبلا وعود دافعة للتفوق والنجاح ..

نحن جيل لا يعرف من الإعلام سوى الإذاعة الموريتانية وإذاعة بي بي سي 

نحن جيل لم نرقص على أغاني الراب  .. لما حفظناه من الحديث والقرآن الكريم ونحن في المرحلة الابتدائية  ..

نحن جيل كنا نسير  في الطرقات القديمة بأمان .. ولم نخش مفاجآت الطريق .. ولم يعترض طريقنا لص ولا مجرم أو قاطع طريق 

نحن جيل لا يعرف من الألعاب سوى : ( اماكيب ، واكرور ، و  ظامت ،  و السيك ، وام اديار ) ولا يعرف من الفنانين خارج محيطه الضيق سوى كوكب الشرق أم كلثوم و عبد الحليم حافظ وفيروز. 

نحن جيل يعرف حق الجار و يكرم الضيف و يعين الملهوف و يدرك فضل إخراج  الصدقة كل صباح ومساء ..

نحن جيل تربينا على المحبة والتسامح والصفح .. نبيت وننسى زلات وهفوات الآخرين  ..

نحن جيل يعمر مجالسه بهموم الأمة وتطلعاتها ، يفكر في آمالها وأحلامها بعيدا عن أكل الغيبة والنميمة والغل والحسد وقيل وقال.

نحن جيل يقدر الكبير ويحترمه ويعطف على الصغير  في داخلنا هيبة للوالدين وللمعلم والعشرة والعشيرة. 

نحن جيل لم يحمل من النقود في جيبه سوى 20 أوقية هي مصروفه اليومي إن وجدت .

 نحن جيل نحترم الجار و الصديق  .. ونتقاسم مع الجميع اللقمة والأسرار والأفراح والأحزان  ..

نحن جيل يتنافس نساؤه مع رجاله في صفوف الدراسة ويتفوقون عليهم حتى .

نحن جيل ينجب ويربي و يدرس و يعمل و يتعلم لا يعرف للترفيه والراحة سبيلا ، تجشم صعاب الحياة وهو في ريعان شبابه. 

نحن جيل  في كل ليلة من ليالي عطلة الأسبوع نسهر في  فناء المنزل  نتسامر ونضحك ونعمل مسابقات شعرية  وننظر إلى السماء بفرح .. ونعد النجوم حتى نغفو.

نحد جيل عندما ينجح في الباكلوريا يسجد شكرا لله ويكرر الحمد لله آلاف المرات و عندما يخفق يزداد إصرارا على أن النجاح سيكون حليفه لا محالة  و أنه لن يتكرر إخفاقه مرة أخرى بحول الله تعالى. 

نحن أمهاتهم وآباؤكم تعلموا واعلموا أن الحياة لا تدوم على حال ، لأن دوام الحال من المحال 
ياجيل : ( ابابجي ، و اسناب شات ،  و الآي باد ، وآيفون ..) تعلموا قبل فوات الأوان  
تعلمو صغارا لتحصدوا ثمار العلم كبارا .