الإنسان بطبعه ، يحب الخير لنفسه، ولو على حساب غيره، فتراه ظلوما، جهولا، لو ترك دون قيود، لصار يجري وراء شهواته بلا حدود!
لذلك جاءت الشريعة لرسم الحقوق؛ حتى (لا تظلمون ولا تظلمون)، كما سعت لخلق حزمة من الأخلاق الحميدة تتربى عليها المجتمعات الإسلامية، حيث جاءت الشريعة متممة لمكارم الأخلاق...
فالمجتمع الإسلامي بمحافظته على تلك الأخلاق، وبنظرته الحادة للخارجين عليها والمخالفين لها؛ يكون بذلك قد شكل "سلطة رادعة" فالذين يتجرؤون على معصية الخالق سرا، في الغالب لا يقف دون معصيتهم جهرا إلا سلطة المجتمع.
وإن كانت سلطة الدولة تتمثل في "الردع المادي" من سجن وتغريم، فإن سلطة المجتمع تتمتع "بسوط معنوي" أكثر إيلاما من السوط المادي؛ (فالقيل والقال، والنظرة الدونية، والازدراء والسخرية، والنبذ والنظرة الساخطة...) أسلحة معنوية رادعة، تقف عقبة أمام الكثير...
غير أن سلطة المجتمع بدأت تتلاشى، فكلما ضعف المجتمع؛ ضعفت سلطته، وخارت قوته، وصارت لبنيه، جسارة على تحديه!
والمتقصين للمجتمعات؛ يجدون أنه في القرى النائية ذات المجتمع المتماسك؛ تقل ممارسة الأفعال الجرمية، بكل أصنافها نتيجة للحضور القوي "لسلطة المجتمع" وتأثيرها في نفوس الأفراد.
أما في المدن؛ حيث الناس من شتى بقاع الأرض؛ حتى الجار لا يعرف أصل جاره، ولا خلفية تربية أبنائه، فإن الرادع الاجتماعي في نفوس الأفراد يتقلص؛ فمن كان يعبد المجتمع، فإن المجتمع تلاشى، ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت.
لذلك، ومن أجل الحفاظ على "سلطة الردع" بمختلف مصادرها:( الرادع الشرعي، والرادع السلطوي، والرادع المجتمعي) فإنه ينبغي أن يعمل:
العلماء؛ على التبيين والوعظ والإرشاد،
وتعمل السلطات على تفعيل القانون وتطبيقه،
وتعمل المجتمعات على تربية الأجيال؛ التربية السليمة من أجل البقاء على مجتمع سليم.
إن تربية الأجيال في العصر اليوم غاية تكاد لا تدرك، فلم تعد المؤثرات الأخلاقية السلبية تكتسب من الخارج فحسب، بل صار الهاتف والتلفاز داخل البيت مؤثرا سلبيا ومدمرا لما تعمل الأسرة على ترسيخه من أخلاق حميدة في عقلية البنات والبنين...
فالتلفاز: "مدرسة مؤثرة"؛ تؤثر سلبا وإيجابا، فهي كما قيل: ( سلاح ذو حدين). وفضلا عن مدرسة التلفاز فهناك أجندة خارجية ميدانية تعمل على ترسيخ تلك الأفكار الشاذة من؛ سرقة، وقتل، وهدم، ولقاءات ترتكب فيها أفعال محرمة بين الجنسين...إلخ.
المجتمع السليم كنز ثمين يحتاج تكاتف الجهود من أجل المحافظة عليه، فبقدر ما هنالك ذئاب علمانية كثيرة تعمل لنسف وتدمير التعاليم الإسلامية - التي يبنى عليها المجتمع الإسلامي- فإنه صار ضروريا تكاتف الجهود من أجل ترسيخ التعاليم الإسلامية والمحافظة على الشارع الإسلامي الذي يعتبر بيئة مؤثرة.
محمد / اباتي/ الشواف