أغشوركيت ( تكنولوجيا ) : الأحداث الكارثية وحالات الطوارئ تستدعي تنفيذ إجراءات وقائية وبروتوكولات استجابة سريعة، وهذا ما دفع الحكومات بشكل عاجل إلى تطويرمجال إدارة الكوارث والسيطرة عليها بمهنية أكبر.
ففي الماضي، كان على المستجيبين لنداءات الطوارئ والكوارث الاعتماد على الطرق التقليدية للنقل ومهام البحث والإنقاذ، وهذه الطرق غالبا ما تكون مستهلِكة للوقت ومكلفة، ناهيك عن خطورتها على المستجيبين.
أما اليوم، فقد جلبت لنا التكنولوجيا مستجيبا فريدا هو الطائرة "المسيرة" أو ما يعرف بالدرون التي أصبحت وسيلة أسرع وأكثر كفاءة للاستجابة للكوارث، كما يمكن استخدامها لتقييم الحالة بسرعة وتحديد موقع الضحايا وحتى توصيل الإمدادات والمساعدات.
فوائد المسيرات في الكوارث
لقد قطعت التطورات التكنولوجية شوطا طويلا في العقد الماضي، واعترفت بها الهيئات الحكومية كأدوات لا تقدر بثمن. فأحد أولويات الحكومة ضمان سلامة المجتمعات خلال الاستجابات السريعة لحالات الطوارئ. ورغم وجود العامل البشري فإن العامل التقني -المتمثل بالطائرات المسيرة- لا غنى عنه لما يقدمه من فوائد لا مثيل لها، أهمها:
- الانتشار السريع: على عكس المروحيات لا تتطلب الطائرات المسيرة مكان هبوط، بل يمكن إطلاقها بسرعة وسهولة من أي مكان تقريبا.
- الوصول إلى المناطق النائية: فيمكن لهذه الطائرات الوصول إلى المناطق النائية والأماكن التي يصعب الوصول إليها من قبل البشر، مما يتيح للمستجيبين تقديم المساعدة للأشخاص في هذه الأماكن التي قد يتعذر الوصول إليها بوسائل أخرى.
- الرؤية الشمولية للمحيط: فبفضل رؤية الطائرة المسيرة من الأعلى، فإنها توفر للمستجيبين فهماً أفضل للوضع وتساعدهم على اتخاذ قرارات أسرع.
- زمن الاستجابة أسرع: بسبب التقنيات الحديثة، فإنها توفر البيانات في الوقت الفعلي، مما يمكّن المستجيبين من اتخاذ قرارات مستنيرة في وقت قصير والاستجابة بشكل أكثر فعالية.
- زيادة السلامة: تعمل الطائرات المسيرة على تقليل المخاطر التي يتعرض لها المستجيبون لحالات الطوارئ من خلال السماح لهم بالتحكم بها عن بعد، ففي عمليات البحث والإنقاذ تكتشف الطائرات المجهزة بأجهزة استشعار حرارية الأشخاص في المناطق الصعبة الوصول مثل الأنقاض والأنفاق.
التقنيات المستخدمة
أثبتت الطائرات المسيرة جدارتها في تلبية حالات الطوارئ، ويعود ذلك إلى التقنيات الحديثة المجهزة بها، وسنتعرف الآن على أبرز هذه التقنيات وفائدتها:
- الكاميرا: وتعتبر أحد أهم التقنيات المثبتة في هذه الطائرات، وتأتي عادة بنوع "إف بي في"، وتُثبت في مقدمة الطائرة غالبا لتنقل الصور الحية إلى نظارات الطيار أو الشاشة مباشرة. ومن خلال تجميع المعلومات والصور، يمكن لموظفي الطوارئ إعداد استجاباتهم بشكل أفضل والتدخل السريع في الحوادث.
- التصوير الحراري: وتساعد هذه التقنية عمال الإنقاذ في العثور على الأشخاص المفقودين بشكل أسرع، فهي تساعد بالبحث في مناطق يصعب الوصول إليها، مثل القمم والمباني المتضررة وما إلى ذلك. وهذه الطائرات المزودة بمستشعرات متعددة الطيف ضرورية في مهمات البحث والإنقاذ بسبب قدرتها على اكتشاف حرارة الجسم.
- كشف العوائق وتجنب الاصطدام: تجهّز الطائرات المسيرة بأنظمة تجنّب الاصطدام لأغراض السلامة، وتتكون هذه الأنظمة من أجهزة استشعار لكشف العوائق، مثل مستشعر الرؤية والموجات فوق الصوتية والأشعة تحت الحمراء ومستشعرات الرؤية الأحادية، ويُحوّل البيانات إلى خرائط ثلاثية الأبعاد، مما يسمح لوحدة التحكم في الطيران باكتشاف الجسم وتجنبه.
- التنبؤ بحالة الطقس: تتوفر في الطائرات مستشعرات خاصة من أجل توقع حالة الطقس، فهي قادرة على تسجيل سرعة الرياح والرطوبة وتقديم توقعات دقيقة للطقس والمناخ.
- الذكاء الاصطناعي: يمكن أن توفر الطائرات المسيرة بيانات دقيقة وفي الوقت الحقيقي بفضل دمج تقنية الذكاء الاصطناعي مع النظام الخاص بها، وهكذا يمكن تقدير الحالات والتصرف بشكل أسرع.
- تحديد الموقع: يمكن للطائرات المسيرة اليوم تحديد المواقع بدقة بفضل اعتمادها على أنظمة الملاحة الفضائية العالمية، مما يمكنها من تحديد مواقع الأشخاص والحوادث وإرسالها إلى المستجيبين.
- العودة إلى نقطة البداية: يمكن تعيين نقطة بداية للطائرة، وهي النقطة التي تقلع منها، وعند فقدان الإشارة بين الطائرة ونظام التحكم عن بعد أو انخفاض مستوى البطارية المحدد؛ فستعود الطائرة من تلقاء نفسها إلى نقطة البداية المحددة مسبقا.
أشهر المسيرات لحالات الكوارث
- "فانتوم 4 آر تي كي": وتشتهر هذه المسيرة بقدراتها على التصوير عالي الدقة، وهي مثالية لرسم الخرائط ومسح المناطق المنكوبة، وتضمن تقنية الحركة الفورية في الوقت الفعلي دقة موضعية أكبر.
- "أنافي يو إس إيه": طُورت لحالات الطوارئ، وتتميز بكاميرا بمستوى تكبير 32 مرة، ومستشعر حراري، وتتيح التصوير المرئي والحراري، مما يجعلها مفيدة بشكل خاص في البحث والإنقاذ وتقييم الأضرار.
- "ماتريس 300 آر تي كيه": تتميز بمتانتها العالية، وبوقت طيران طويل يصل إلى 55 دقيقة، وقدرتها على حمل أثقال متعددة مثل الكاميرات عالية الدقة والمستشعرات الحرارية، وهي خيار مثالي لرسم الخرائط في المناطق المتضررة من الكوارث الكبيرة وتوفير المعرفة التامة بالوضع.
- "إي بي إكس": مسيرة ذات أجنحة ثابتة مصممة للرحلات الطويلة ورسم الخرائط الجوية عالية الدقة، ويمكنها تغطية مساحات شاسعة بسرعة، كما أن سرعتها وكفاءتها تجعلها مناسبة لتقييم الأضرار بعد الكوارث الطبيعية ومهام البحث والإنقاذ.
- "سكاي رينجر آر 70": يمكن تجهيز هذه الطائرة بحمولات مختلفة، بما في ذلك كاميرا عالية الوضوح وبتصوير حراري وكاميرات تكبير، مع زمن طيران مدته 50 دقيقة وتصميم متين، ويمكن لهذه الطائرة التعامل مع مجموعة واسعة من سيناريوهات الاستجابة للكوارث.
حالات توثق استخدام الطائرات بدون طيار في حالات الطوارئ
تحدث تقرير تابع لموقع "فلاي بيس" عن استخدام الطائرات المسيرة كوسيلة للسلامة خلال فترة الحظر إبان جائحة كورونا في الهند، فساعدت السلطات الهندية على احتواء انتشار الفيروس من خلال مراقبة الشوارع لمنع التجمعات غير القانونية.
ومن جانبه، سجل موقع "يو إيه في كوتش" عددا من حالات استخدام الطائرات بدون طيار في حالات الطوارئ لإنقاذ الأرواح، وفيما يلي أبرزها:
- إنقاذ متسلق محاصر على حافة في الليل:
ففي عام 2019 استخدم فريق البحث والإنقاذ في ولاية يوتا الأميركية مسيرة لإنقاذ متسلق بعمر الستين عاما علق على حافة جبل في الليل، فاستُخدمت الطائرة كمصدر للضوء حتى يتمكن المستجيبون من معرفة مكان الرجل وإيصاله لبر الأمان.
- العثور على رجل مفقود يبلغ من العمر 88 عاما:
ففي ولاية تكساس الأميركية قام فريق البحث والإنقاذ بالتعاون مع شرطة المدينة بنشر طائرة مسيرة مزودة بكاميرا حرارية للعثور على رجل مفقود. وفي الـ11 مساء من تلك الليلة، عثرت الطائرة على الرجل في العشب الطويل في أحد الحقول، وهو مكان قد يكون من صعب العثور عليه بواسطة المستجيبين سيراً على الأقدام أو بالسيارة.
- العثور على شخصين عالقين على جبل بأيسلندا:
في عام 2018، استخدم فريق البحث والإنقاذ طائرة بدون طيار للعثور على اثنين علقوا على جانب جبل شديد الانحدار في دالفيك بأيسلندا، وكان أحدهم يمسك هاتفا خلويا كمصدر للضوء. لذا تمكن المستجيبون من استخدام هذا الضوء لتحديد موقعهم ونقل المعلومات إلى فرق الإنقاذ على الأرض. ونتيجة هذه الحادثة كُرّم فريق البحث والإنقاذ في دالفيك في حفل جوائز "أوردز 112" في ليوبليانا بسلوفينيا من قبل جمعية أرقام الطوارئ الأوروبية.
- العثور على رجل رُمي من السيارة:
في عام 2018، استخدم فريق الإنقاذ في بريطانيا طائرة مسيرة مجهزة بكاميرا حرارية للعثور على رجل رُمي من سيارته بعد حادث مروري. في البداية كانت الشرطة يائسة من العثور على الشخص المفقود لأن الطقس كان باردا جدا حيث كانوا قلقين من موته. ولكن بفضل الطائرة المسيرة تمكنوا من تحديد موقع الرجل بسرعة في حفرة بعمق ستة أقدام قرب موقع الحادث. بدأ الرجل يعاني من الانخفاض في درجة الحرارة عندما عُثر عليه، لكنه نُقل إلى المستشفى لتلقي العلاج وخرج بعد وقت قصير.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية