الحوار نشاط إجتماعي وسياسي مشترك ، يعمل على أساس الصلات بين المجتمع وأفراد الأسرة الواحدة ، يكرس التعايش السلمي بين الشرائح والأفراد ، فعليه ان يكون وسيلة لللقاء والتفاهم ومنهجا لدى الأفراد ذى الرقي نافعا وفكرا ناضجا يسوس الخلاف بحكمة وحنكة عقلانية وراقية ، فيجب أن لا يكون صرخة عابرة تغيب حين تؤمن المصالح الشخصية ، وتسود فى حالة الفشل فى إحكام السيطرة ، وأن لا يكون ردة فعل يلجأ إليها عندما تكون هناك حاجة إلى ملإ الفراغ أوشغل اهتمامات البعض عن أمر "ما" .
فليس الحوار لإحكام قوة القوي ليقوي ويهيمن، ولا الضغيف ليحكم ويسيطر،
ومما يمكن الحوار من أن يكون أكثر رقيا إذا كان بين أكثر من طرف واحد تجمعهم أكثر من مصلحة مشتركة ، وعليه أن يكون قناة لإرساء ءاليات التوافق وإقامة مناقشات فى أمور وقضايا مشتركة بين كل الأطراف بأسلوب حوارى يخضع للمراجعة والتقييم ، فلن يكون الحوار حوارا ما دام طرف ما يرى مواقفه صائبة ومواقف وءاراء غيره محضية الخطإ والفشل ، فليست كلمة "الحوار " كلمة مطلقة ولا حرة بل مقيدة بسمات إنسانية راقية لأن الحوار من صنيع وفطرة الإنسان، فهو بذالك يبرهن على سمات الرقي الفطرى والثقافة والأخلاق فيه ،
فيجب أن يكون المقصد المتوخى من أي حوار هو التوصل إلى ءالية تكفل وتؤمن الخروج من وحل الأزمة التى يرجى حلها من خلال الجلوس على مائدته ، فالمقصد ليس أن تتكلم بل الحاجة إلى أن تسمع وتصغى ، ثم تصبر وتتحمل ، حتى يكون حوارا متفائلا بالنتائج المتوخات منه والمرجوة من ثمرته اليانعة إن وجدت الأرض الخصبة الصالحة لبذر سنبلاته ، فعلى اصحابه عدم تفويت الفرصة والتعبير والتمحيص وتقديم الرأية حول كل نقاطه السليمة وتقبل ملاحظات كل مشارك ومحاور ، وبذالك يكون جسرا للتواصل والتفاهم وتقارب وجهات النظر وإلم تتقارب كلها فيما بينها فربما تتقارب فى أكثر نقاطه وليس من المعهود فى الحوار السليم أن يخرج عقيما وبدون اي نتاج ملموس أو أن يتفرق أهله على خلاف فى الجزئيات بدل محاولة الجمع والتمحيص ثم العمل على سد تلك الثلمه بمراعات الأهم منها وبما ينشر روح التسامح والألفة بين المتحاورين،
وليكون الحوار ناجعا منتجعه يانع الثمر عليه أن يكون واضح الأسلوب والمدلول ، عميقا وجامعا لكل المسائل التى تتسبب فى غياب لغته الهادئة السليمة السلمية .
وفى ظل هذا الوضع الراهن والحالة التى يعيشها المجتمع نظىرا لتعدد شرائحه و ثقافاته وبالنظرة إلى ما خلفته الوضعية السياسية الحالية وأثارته من أزمة طفت فيها لغة التعصب وساد فيها فارس التفرق والإنقسام بين أفراد مجتمع كان التنوع سمة لهم ومظهرا من مظاهر التلاحم والقوة والأخذ بمبدإ المصلحة العامة لاغير ، حرى بنا إحياء موته من جديد ومناقشة كل القضايا على الطاولة بأسلوب يخدم المجتمع والتعايش السلمي حتى نؤمن لكل فرد ما يصبوا إليه.
وبعد أن فشلت المعارضة والنظام فى رأب صدع الخلافات مما زاد من جعل إستحفال الأزمة فى تزايد واتساع نطاقها إلى العمق وجب على تلك العقول أن تأخذ الزمام وتطرق الباب عسي أن يجدوا المرهم الشافى .
إن الوضع السياسي الذى تفاقمت أزمته حتى أضفت ذيلولها على تاريخ كل مجتمع - أعنى الثقافة الشرائحية - مما أدى إلى إذكاء النفور من الآخر ونعته ولو خفية بالعدو.
علي أطرافه أخذ حسبان المصلحة العامة وأن يفقهوا عواقب الخلافات التى بدأت اصواتها تقرع السمع .
فعلى النظام أن يعلم أن أسلوب الخطاب الحواري مواجهة ومراجعة ثم تمحيص واخذ ورد ، وليس رأي واحد يمليه الحفاظ على المصلحة الخاصة للفرد ولو يكون ما يكون ؛
كما على المعارضة اخذ التجربة من غلطتها السابقة التى ما زال المواطن يتئا كل بسبب حرقها بعد أن غيبت صوته بغيابها عن دوائر القرار .
فعلى الأطراف السعي إلى حل توافقي يرضي المصلحة العامة للشعب وأن يعلموا أن اتساع الهوة ليس فى ميزان حسنات كل منهما.
محمد عبد الجليل/ محمد الأمين