أغشوركيت ( مقالات كتاب الولاية ) : إن المتتبع لآيات القرءان الكريم التي ورد فيها السلم ومشتقاته ، والتي تناهز الخمسين ءاية ، يجدها تنادي بالدخول تحت راية السلم والسلام ، وتنهى عن اتباع مايفضي إلى طرق الهوى والشيطان ، حيث يقول تعالى ذكره : ( يأيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كافة ولاتتبعوا خطوات الشيطن إنه لكم عدو مبين .) بل إنه عز وجل جعله من أسمائه الحسنى " السلام المؤمن المهيمن ..." ودعا إلى دارالسلام — والله يدعوا إلى دار السلام — لهم دار السلام عند ربهم ...
والمتقصي لحديث النبي صلى الله عليه وسلم يراه يعرف المسلم بالسلام ، والمؤمن بالأمان ، والكل خارج من مشكاة لغوية واحدة ( فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمؤمن من أمنه الناس على أموالهم ودمائهم .) . وقال ذات يوم لأصحابه : والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لايخاف إلا الله والذيب على غنمه ، وهذا ماحصل ومايؤمل سالكي المنهج النبوي السوي أن يعود ، منهج الوسطية والإعتدال الذي رسم معالمه العلامة بن القيم رحمه الله منذ عدة قرون ، حينما قال متحدثا عن أهل الوسطية من أهل السنة " كان مذهبهم مذهبا بين مذهبين ، وهدي بين ضلالتين ، خرج بين مذاهب المعطلين والمخيلين والمجهلين والمشبهين ، كما خرج اللبن — من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين " -- وهو المنهج الذي تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على محجته البيضاء ليلها كنهارها لايزيغ عنها إلا هالك .
إلا أن سنة الله جرت على اختلاف الفرق والأمم والجماعات والتيارات حسب —إديولوجية— معينة. مما أدى إلى اشتعال الحروب والثوراة داخل صفوف الدول الإسلامية ، فكان لزاما على أولي الأمر من الحكام والعلماء والدعاة التصدي لهذه الظاهرة الماحقة التي لم تعد دولة من الدول -- إلا من رحم ربك -- عنها بمنئا . من هنا جاءت فكرة تأسيس " منتدى تعزيز السلم في الأقليات المسلمة " فكان إضافة نوعية في انتشال ماتبقى من شعوب الدول المسلمة ، ومد يد العون لهم وإسعافهم بما يفتقرون إليه من نور العلم و شعاع المعرفة ، في ظل انتشار المشاريع الفكرية الكابوسية غير الشاملة في بسط كراسي التنمية الإجتماعية تحت مظلة التربية الدينية الحماسية ، لها السيف المسلط على رقاب الطفل والنبل المنطلق إلى أحشاء الأم خارج الواقع التاريخي الداعي إلى " إعلان الحرب لتكون النتيجة سلما على سلم " والغمد للسيف في وجه المسلم البريء .
وقد حمل مشعل رئاسته الدعوية ومهمته العلمية التجديدية التأصيلية ، فضيلة العلامة الشيخ : عبد الله بن المحفوظ بية حفظه الله ورعاه ، سالكا في منهجه طريق السلم والسلام ، باعتبارهما شريكين في تنمية الدول واستقرارها ، محاولا ترسيخ مفهوم السلم لدى من يتلاعب بحياة المسلمين ، ممن أخطأو الطريق وحرفوا المفاهيم والمقاصد نتيجة اختلاف الأحكام الجزئية بحسب الزمان والمكان ، والا ضطراب في خلفية واضعي هذه المفاهيم من لدن من أعوزتهم النصوص في لي أعناقها لاستجلاء بعض المفاهيم ك " الولاء والبراء ، والجهاد والخلافة ، الدولة الوطنية واستخدام الوسائل غير المشروعة في الطرق إلى تحقيق الخلافة الإسلامية أو إيجاد دولة إسلام قائمة .... فحرفوا الكلم عن مواضعه ، الأمرالذي تسبب في إقحام الأمة في داء عضال وصفه الشيخ بالداهية الدهياء ، والفتنة العمياء ، والحرب الشعواء ، التي عادت بالأمة إلى حرب " داحس والغبراء " تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة ، من دول مزقتها " الثوراة " شر ممزق ، وعمدت بها إلى غد مجهول .
وتأتي الدورة الرابعة للملتقى المنعقدة في العاصمة الإماراتية أبو ظبي ، تأكيدا من الحركة الفكرية أو تيار السلام ، على أن مقاصد الشريعة لاتهتم بالشكليات ، إنما تهتم بالمضامين والمصالح البشرية ، على ضوء فقه السلام وثقافة السلم ، وتوحيد مجهودات العلماء لمواجهة الإتهامات التي تهدد كيان الأمة المسلمة في العالم . تجديدا للخطاب الفكري داخل المجتمع الإسلامي للقضاء على وباء التطرف والعنف وقطع الطريق على رائدي سوق الدماء .... والعمل على ترسيخ ثقافة التسامح وتعزيز السلم التي مازالت تحتاج إلى التناول التحليلي بالبحث العلمي الجاد ، ضمن السياقات المعاصرة لتطوير الخطاب السياسي ومدى ملاءمته لنشر الفهم الصحيح والمنهجية السليمة للتدين داخل خارطة الرؤى المحاربة للإسلاموفوبيا؟؟ وغير ذالك من القيم التي لايمكن أن يتناولها النسخ بحال من الأحوال ، انطلاقا من النقل والعقل والنصوص والمقاصد، وتنزيلا لما يسميه الأصوليون بتحقيق المناط جلبا للمصالح ودفعا للمضار .