أغشوركيت ( أنباء إقليمية ) : أنهى المجلس العسكري في مالي، الخميس، اتفاقا للسلام بأثر فوري مع المتمردين الانفصاليين "الطوارق" يعود لعام 2015 وذلك في خطوة ستزيد على الأرجح من اضطراب البلد الأفريقي الذي تعصف به الصراعات.
وعادت التوترات بين السلطات المركزية والانفصاليين في الشمال إلى الظهور منذ أن عزز الجيش سلطته عبر انقلابين في عامي 2020 و2021 وتعاون مع مجموعة فاغنر الروسية وطرد القوات الفرنسية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وقالت السلطات العسكرية في بيان على التلفزيون الرسمي إنه لم يعد من الممكن الاستمرار في الاتفاق بسبب عدم التزام الموقّعين الآخرين بتعهداتهم و"الأعمال العدائية" التي تقوم بها الجزائر، الوسيط الرئيسي في الاتفاق.
والجزائر هي الدولة الرئيسية التي تتوسط لعودة السلام إلى شمال مالي بعد "اتفاق الجزائر"، الذي وقع في 2015، بين الحكومة المالية وجماعات مسلحة يغلب عليها الطوارق.
لكن هذا الاتفاق بدأ يترنح، منذ نهاية أغسطس، حين استأنفت هذه الجماعات المسلحة عملياتها العسكرية ضد الجيش المالي في شمال البلاد بعد ثماني سنوات من الهدوء.
ونتيجة لذلك، قال المجلس إن ما يسمى باتفاق الجزائر لم يعد قابلا للتطبيق.
وأعلنت الحكومة "إنهاء العمل بالاتفاق بأثر فوري".
وقالت تنسيقية حركات أزواد، وهي تحالف من جماعات متمردة شكلها شعب الطوارق شبه الرحل في مالي، إنها لم تتفاجأ بالقرار.
وقال المولود رمضان المتحدث باسم التنسيقية "كنا نتوقع ذلك منذ أن أحضروا فاجنر وطردوا بعثة الأمم المتحدة وبدأوا أعمالا عدائية بمهاجمة مواقعنا على الأرض".
وتابع "كنا نعلم أن الهدف هو إنهاء الاتفاق".
وتشهد مالي، الواقعة على الطرف الجنوبي للصحراء الكبرى، أعمال عنف منذ عام 2012 عندما اختطف متشددون إسلاميون انتفاضة لجماعات الطوارق التي كانت تشكو من إهمال الحكومة وسعت إلى حكم ذاتي للمنطقة الصحراوية التي يطلقون عليها اسم أزواد.
ووقع الطوارق اتفاق سلام مع حكومة باماكو في 2015، إلا أن الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية قتلت آلاف المدنيين في حركات تمرد امتدت منذ ذلك الحين إلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين.
وتعرض اتفاق سلام الطوارق لضغوط متزايدة خلال الفترة الماضية. وتجدد القتال بين الجانبين مرة أخرى منذ أغسطس آب الماضي مع تنافسهما على مواقع أثناء الانسحاب التدريجي لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
ومن شأن أي تصعيد مع الانفصاليين أن يزيد من الضغوط على الجيش المالي، الذي يواجه صعوبات بالفعل في القتال ضد الجماعات الإسلامية وسط أعمال عنف هي الأسوأ منذ سيطرة الجيش على السلطة.
وتوترت العلاقات بين الجزائر ومالي التي استدعت خارجيتها، في ديسمبر الماضي، سفير الجزائر لدى باماكو لإبلاغه احتجاجا على "أفعال غير ودية" من جانب بلاده و"تدخلها في الشؤون الداخلية" لمالي.
وقالت وزارة الخارجية المالية، في بيان حينه، أن باماكو أخذت على الجزائر خصوصا "الاجتماعات المتكررة التي تعقد في الجزائر على أعلى المستويات دون أدنى علم أو تدخل من السلطات المالية، من جهة مع أشخاص معروفين بعدائهم للحكومة المالية، ومن جهة أخرى مع بعض الحركات الموقعة" على اتفاق 2015 والتي "اختارت المعسكر الإرهابي".
جاء استدعاء السفير الجزائري أيضا بعد أن استقبل الرئيس عبد المجيد تبون في الجزائر العاصمة الإمام محمود ديكو وهو شخصية دينية وسياسية مالية بارزة ومن القلائل الذين تجرؤوا على التعبير علنا عن اختلافه مع المجلس العسكري الحاكم منذ أغسطس عام 2020.
والجزائر هي الدولة الرئيسية التي تتوسط لعودة السلام إلى شمال مالي بعد "اتفاق الجزائر" الذي وقّع في 2015 بين الحكومة المالية وجماعات مسلحة يغلب عليها الطوارق.
لكن هذا الاتفاق بدأ بالترنح منذ نهاية أغسطس حين استأنفت هذه الجماعات المسلحة عملياتها العسكرية ضد الجيش المالي في شمال البلاد بعد ثماني سنوات من الهدوء، وفق فرانس برس.
ردا على ذلك، استدعت الخارجية الجزائرية سفير مالي لدى الجزائر.
وذكّر وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، السفير الماليّ، حينها بأن كل "المساهمات التاريخية للجزائر في تعزيز السلم والأمن والاستقرار في جمهورية مالي كانت مبنية بصفة دائمة على ثلاثة مبادئ أساسية لم تَحِدْ ولن تحيد عنها بلادنا"، حسب بيان للخارجية الجزائرية.
وشدد البيان على "تمسك الجزائر الراسخ بسيادة جمهورية مالي، وبوحدتها الوطنية وسلامة أراضيها". كذلك، أكد "القناعة العميقة بأن السبل السلمية، دون سواها، هي وحدها الكفيلة بضمان السلم والأمن والاستقرار في جمهورية مالي بشكل ثابت ودائم ومستدام".
وجاء في البيان أيضا أن "المصالحة الوطنية، وليس الانقسامات والشقاقات المتكررة بين الإخوة والأشقاء، تظل الوسيلة المثلى التي من شأنها تمكين دولة مالي من الانخراط في مسار شامل وجامع لجميع أبنائها دون أي تمييز أو تفضيل أو إقصاء".